38serv
بعد 14 شهرا بالتحديد على رأس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، لأول مرة في مشواره، وبنجاحات واضحة، تقلّد وليد صادي حقيبة قطاع الرياضة، دون قطاع الشباب، بما يفرض قسرا التوقف عند القراءة الواجب تقديمها للرأي العام عن هذا الاختيار.
وحين ننطلق من باب المقارنة، على الأقل، بين صادي وآخر ثلاثة رؤساء للفاف، الذين أعقبوا محمد روراوة، نجد أن كفة الأشهر الأربعة عشر تميل بشكل واضح عن كفة ثلاثة رؤساء مجتمعين، وهم خير الدين زطشي وعمارة شرف الدين وجهيد عبد الوهاب زفيزف، الذين قضوا ستة أعوام ونصف العام على رأس الاتحادية، أفضت في نهاية المطاف إلى جملة من "الكوارث" من حيث التسيير، وتحديدا في فترة ولاية زطشي وزفيزف، صدمت الرأي العام حين كشف محافظ الحسابات عن "المستور".
وحيال تهاوي "الاتحادية العالمية"، وفقدانها لمصداقيتها ووزنها على الصعيد القاري والدولي، وما أعقب ذلك من إخفاقات للمنتخب الأول تحديدا، واكتشاف المخاطر والأضرار الجسيمة التي لحقت بالكرة الجزائرية جراء التسيير العشوائي والهاوي، وتوالي الرؤساء، فإن الانتقال الاضطراري إلى رئيس جديد للاتحادية في 21 سبتمبر 2023، شكل في نهاية الأمر منعرجا هاما وحاسما، كون الاستقرار على شخص وليد صادي انتشل الاتحادية والكرة الجزائرية من حالة الهوان، وفي ظرف قياسي، شهد إعادة التوازن المالي للفاف وحل إشكالية الديون، وتنظيم بين الهيئة الكروية واستعادة سلطة اتخاذ القرار، بل وتحقيق مكاسب كانت غائبة على الصعيد القاري، تمثلت في نيل صادي نيابة رئاسة اتحاد شمال إفريقيا، ثم ضمانه عضوية المكتب التنفيذي للكاف الذي خسرته الجزائر في عام 2017، منذ عهد محمد روراوة.
وأمام هذا التحول غير المتوقع للاتحادية نحو الإيجاب، وتسجيل اهتمام حقيقي للسلطة بالبعد الاستراتيجي لكرة القدم، جاء الاعتراف من السلطة بنجاح الرجل في مهمته على مستوى كرة القدم، من خلال تكليفه بتسيير قطاع الرياضة، حتى يتم تعميم "العمل الحقيقي والإيجابي" على كل الاختصاصات الرياضية.
ولأن وليد صادي نجح في تحقيق مكاسب للكرة الجزائرية في ظرف قياسي، برغم العقبات المفتعلة، فإن تعيينه على رأس قطاع الرياضة هو في حد ذاته خطوة جديدة وغير مسبوقة في "كسر" البيروقراطية وفي إنهاء هواية "الضرب تحت الحزام"، وهي ممارسات لطالما شكلت أحد أهم مشاكل مسؤولين سابقين على مستوى الاتحادات، وحالت دون تحقيق أهدافهم.
ورغم أن تولي رئيس اتحادية لمهام وزير القطاع ليس سابقة، إلا أن احتفاظ وليد صادي بمنصبه كرئيس للفاف طرح العديد من التساؤلات حول مدى قانونية "الجمع بين المناصب"، خاصة وأن الوزير السابق، عبد الرحمان حماد، احتفظ بدوره بمنصبه كرئيس للجنة الأولمبية الجزائرية خلال فترة استوزاره.
وبالارتكاز على القانون، فإن المرسوم التنفيذي 21 / 60 المتعلق بحالات التنافي، وهو المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 15 / 340، فإن اللجنة الأولمبية الجزائرية غير معنية إطلاقا بأحكامه، فيما لم يمنع المشرّع صراحة وزير القطاع من الجمع بين منصبه كوزير وبين رئاسة الاتحادية، بما يجعل صادي قادرا على الاحتفاظ بالمنصبين.
أما على مستوى الكاف والفيفا، فلا يوجد ما يمنع وزيرا من رئاسة اتحادية بلاده، والأمثلة كثيرة، منها فوزي لقجع، الذي يتولى الحقيبة المالية بالمغرب، مادام أن توليه رئاسة الاتحادية تم عن طريق الانتخاب وليس التعيين، حتى أن حصول صادي على حقيبة وزارية سيجعله أكثر قوة، وسيكمم أفواه المنتقدين غير الموضوعيين الرافضين الاعتراف بما قدمه وتقدير جهده في بداية عهدته، مثلما سيمنحه المنصب ثقلا أكبر حين يدشن عودة الجزائر إلى عضوية المكتب التنفيذي للكاف في 12 مارس 2025.
وجب القول أن اعتراف وتقدير السلطة لجهد وليد صادي هو كل ما وجب الاحتفاظ به، كون ذلك يعتبر مؤشرا واضحا على دخول الجزائر، كرويا ورياضيا، عهدا جديدا تم افتقاده، يتمثل في الاقتناع بأهمية وضع استراتيجية رياضية دولية لإعادة الجزائر إلى مكانتها الطبيعية على مستوى كل الهيئات الرياضية، القارية والدولية منها، ودعم المرشح الجزائري في إرساء ذلك، وقد سمح لغياب الجزائر، أو لتغييبها القسري، عن دوائر صُنع القرار على مستوى الكاف والفيفا، بتشكيل لوبيات ضدها، اجتهدت في خدمة مصالحها الكروية والسياسية على حساب مصداقية ومصالح الأفارقة.