38serv

+ -

جاء نذير العرباوي، القانوني التكوين والرياضي الهواية والممارسة، إلى قصر الدكتور سعدان، قادما من قصر المرادية، بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون، ليخلف أيمن بن عبد الرحمان، لأول مرة، في 11 نوفمبر 2023. وقتها قيل إن العرباوي مكلف بمهمة محددة هي إنهاء حالة التقاعس والتراخي التي كانت متمكنة من الفريق الحكومي، بسبب الروتين وبطء مسار تنفيذ تعليمات وتوجيهات وقرارات اجتماعات مجلس الوزراء المتوالية وتشنّج العلاقة بين بن عبد الرحمان وعدد من الوزراء.

لم يكن تبون يخفي عن الرأي العام ما كان يعيق تقدّم تنفيذ مشروعات الحكومة، وخاصة في مجالات صنّفت في خانة الأولوية، على شاكلة مشاريع السكة الحديدية والمناجم ومحطات تحلية مياه البحر ومشروعات الفلاحة الصحراوية، واستكمال برامج الإسكان التي يعتبرها مسألة أمن قومي ودعم الاستقرار.

كان تبون يتحدث في لقاءاته الإعلامية عن تحجج بعض المسؤولين بالخوف من تفعيل القرارات في الميدان، وأن ذلك يحتاج إلى ضمانات تفاديا للوقوع في خطيئة من سبقوهم (وهم اليوم في السجون).. بأنه تبرير غير مقنع وأن ما دام المسؤول لا يختلس أو يسرق المال العام فلا داعي للقلق أو الخوف.. ومع ذلك وبالرغم من التطمينات وإنهاء العمل بالرسائل المجهولة وتسريع صياغة قانون يرفع التجريم عن فعل التسيير، لم تتقدّم الأمور بالشكل المأمول، فكان ذهاب بن عبد الرحمان ومجيء العرباوي إلى المكتب الأزرق الأزوري بقصر الحكومة، ضرورة، حيث شرع في تقليص المسافات مع الوزراء وتقليل الاجتماعات، مانحا المجال للعمل الميداني وتحريك المياه الراكدة وإعادة ترتيب الأولويات والعمل الموجّه والمركّز.

وبعد عام قضاه على رأس الحكومة، عرف عن العرباوي استبعاد المواضيع التي لا أثر مباشر لها على تجسيد برنامج رئيس الجمهورية، والحث على احترام آجال تنفيذ التعليمات الرئاسية والتدخل لتسهيل الإجراءات حتى صارت اجتماعات الحكومة ومجلس الوزراء خالية من التنويهات والتنبيهات ومن التسويف .. والتبريرات.

ما يحسب للعرباوي، أنه نجح في توظيف خبرته الطويلة في العمل الدبلوماسي، المليء بالتعقيدات ووجوب وضوح الرؤية والرسالة وترتيب أولويات التحركات وفق أجندة الرئيس تبون الذي يعرف عنه اهتمامه بالدقة في المعلومة والخطوات الميدانية قبل الشروع في البرامج والقرارات.

ويكون العرباوي قد تسلّح بالإحاطة بكل تفاصيل ما يطلب منه واستغراقه في أداء المهام الموكلة إليه، بعيدا عن الأضواء وبهرجة "الشو" التي قد يسقط فيها العديد من المسؤولين الذين يكثرون من الظهور تحت الأضواء على حساب نجاعة الأداء والإنجاز.

وللتذكير، فقد منح تبون ثقته للعرباوي عندما استدعاه من نيويورك، بينما كان مندوب الجزائر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، حيث كلّلت الأشهر الأولى التي قضاها هناك، بكتم أنفاس مندوب المغرب بعد أن كان يصول ويجول في أروقة المنظمة الأممية بكل راحة، نافثا سمومه ضد الجزائر.

وبعد عودته كلّف العرباوي بإدارة شؤون ديوان رئاسة الجمهورية، قبل أن يمنحه ثقته للمرة الثانية من أجل الإشراف على إدارة شؤون الوزارة الأولى والتنسيق بين 30 وزيرا، والإشراف على عدة مؤسسات وهيئات تابعة لاختصاصه.

وبعد عام كامل من العمل، أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا مقتضبا جاء فيه: "استقبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، اليوم (أول أمس الاثنين)، الوزير الأول السيد محمد النذير العرباوي، الذي قدّم له استقالة الحكومة والتي قبلها، حيث جدّد فيه السيد الرئيس الثقة وأمره بمواصلة مهامه"، تضمّن عبارة "تجديد الثقة" للمرة الثالثة في الرجل الذي، وبموجب دستور 2020، سيصبح أول مسؤول على الوزارة الأولى في العهدة الثانية للرئيس تبون.. وسيضطلع بمهمة تجسيد البرنامج الانتخابي المتضمن التزاماته من أجل جزائر منتصرة.