38serv

+ -

قالت وكيل وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، عزرا زيا، بأن زيارتها إلى الجزائر التي تعدّ الأولى لها، تمحورت حول العلاقة الثنائية القيمة بين الولايات المتحدة والجزائر والاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، وأشارت إلى الجهود المبذولة من طرف الجزائر والولايات المتحدة لتعزيز شراكاتهما وزيادة الروابط الاقتصادية.

وأشادت عزرا زيا في حوار مكتوب مع "الخبر" بالجزائر، كدولة رائدة إقليمياً وبسجلها الحافل بالنجاحات في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأبرزت في هذا السياق مجالات التعاون بين الجزائر وواشنطن، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات وأمن الحدود.

وتطرّق الحوار إلى تطورات الحرب في غزة وموقف الولايات المتحدة من الاتهامات التي توجّه لها كدولة داعمة لإسرائيل التي ترتكب مجازر في حق المدنيين في غزة، حيث حمّلت المسؤولة الأمريكية حركة "حماس" المسؤولية عن الوضع الحالي، في حين يحمل الجانب الفلسطيني "إسرائيل" مسؤولية تفجر الأوضاع في فلسطين المحتلة لإفشالها كل فرص الحلول السلمية للنزاع.

كما تحدّثت المسؤولة الأمريكية عن دور واشنطن في التكفل باحتياجات اللاجئين الصحراويين بتندوف، وأكدت أن بلادها تشاطر قلق الجزائر بشأن اللاجئين الصحراويين والذين يحتاجون حسبها إلى مساعدات إنسانية كبيرة.

 

ما هو الغرض من زيارتكم للجزائر؟ وكيف تقيّمون العلاقات والتعاون الجزائري الأمريكي؟

أنا متواجدة في الجزائر في زيارتي الأولى بصفتي وكيل وزارة الخارجية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، للتواصل مع شركائنا بشأن العلاقة الثنائية القيمة بين الولايات المتحدة والجزائر والاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. بدلت الولايات المتحدة والجزائر جهودًا متواصلة لتعزيز شراكتهما، بما في ذلك زيادة الروابط الاقتصادية والتواصل بين الشعبين، وقد ناقشت الفرص الإضافية التي يمكننا تجسيدها في تعاوننا الأمني.

تعتبر حقوق الإنسان عنصر أساسي في تعاوننا، ونحن نشيد باستعداد الجزائر لاستضافة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، فضلاً عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان. والولايات المتحدة مستعدة لدعم الإجراءات التي تخطط الحكومة لاتخاذها في أعقاب تلك الزيارات التي تدعم الأهداف المشتركة. يتعين علينا أن نعمل معًا لضمان احترام وحماية حريات الدين والتعبير وتكوين الجمعيات.

 

كيف تنظرون إلى دور الجزائر في دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب في المنطقة؟

للولايات المتحدة والجزائر مصلحة مشتركة في استقرار المنطقة، والجزائر دولة رائدة إقليمياً ولديها سجل حافل بالنجاحات في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، في حين تعمل أيضاً مع الدول المجاورة لتطوير قدراتها الأمنية، وتحافظ الولايات المتحدة والجزائر على شراكة قوية في مكافحة الإرهاب، من خلال الحوار المنتظم وتبادل الخبرات الفنية، ومن خلال مكاتب وزارة الخارجية لشؤون المخدرات الدولية وإنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب، نعمل بشكل وثيق مع وكالات إنفاذ القانون والأمن الجزائرية لمكافحة والتحقيق في مجموعة واسعة من الجرائم والأنشطة الإرهابية في مجالات استراتيجية، مثل التقنيات المتقدمة للتحقيق والمقاضاة ومكافحة المخدرات وأمن الحدود. من خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، نتعاون بشكل وثيق مع السلطات الجزائرية لتعزيز ممارسات إدارة الهجرة بشكل آمن ومنظم وإنساني.

 

لقد تضررت صورة أمريكا كمدافعة عن الحريات والديمقراطية في جميع أنحاء العالم بسبب معاييرها المزدوجة ومواقفها المتضاربة، حتى في القضايا الإنسانية. هل لاحظتم هذا التحول في الرأي العام العالمي، أم تعتقدون أن صورة أميركا لا تزال سليمة ومصداقيتها الأخلاقية لا تشوبها شائبة؟

ندرك أن هناك وجهات نظر مختلفة في أنحاء العالم بشأن الصراع في غزة، لكن الكثيرين يشتركون في نفس الهدف، و في نهاية المطاف ندرك أن هذا الصراع يتطلب حلاً سياسياً، ونسعى إلى حل الدولتين، حيث يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين العيش جنباً إلى جنب. ومن جانبنا، سنواصل الضغط على إسرائيل لإعطاء الأولوية لإنقاذ أرواح المدنيين وتسهيل إيصال المزيد من المساعدات إلى المدنيين في غزة. تظل الولايات المتحدة المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية لشعب غزة، ونحن نعمل على مواصلة هذه الجهود وتوسيع نطاقها. ونشيد بالجزائر والدول الأخرى التي أرسلت أيضا مساعدات إلى غزة ونرحب بشدة بهذه الجهود. إن الخطوة الأكثر فعالية التي يمكننا اتخاذها لمعالجة التحديات الإنسانية العاجلة في غزة هي التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار - ودائم - يعيد جميع الرهائن إلى ديارهم وينهي معاناة الشعب الفلسطيني.

 

بصفتكم مسؤولاً عن حقوق الإنسان، ألا تجدون صعوبة في مناقشة هذه القضية مع دول الجنوب وإقناع شعوبها بالنظر إلى مواقف البيت الأبيض بشأن الحروب في غزة ولبنان، والتي لا تليق بدولة تدعي أنها تحترم الشرعية الدولية وإنفاذ القانون الإنساني الدولي؟

إن فكرة أن الحكومات يجب أن تعزز احترام حقوق الإنسان لكل إنسان، دون تمييز، وأن الحكومات يجب أن تلتزم بواجباتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان، تشكل جزءًا لا يتجزأ من السياسة الخارجية للولايات المتحدة. إن حقوقنا الإنسانية وحرياتنا الأساسية راسخة في المعايير الدولية ومدعومة بالإيمان بأن المجتمعات التي تحمي وتعزز حقوق الإنسان تكون أقوى وأكثر ازدهارًا وقدرة على الصمود، وأكثر قدرة على حل الخلافات بطرق سلمية.

لقد أدى الصراع في غزة الذي اندلع بسبب الهجوم الذي شنته حماس إلى تدهور كبير في حقوق الإنسان للفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الحقوق الأساسية مثل توفير المأوى والغذاء والحفاظ على الكرامة، كما نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع في الضفة الغربية. وبالتالي نواصل العمل مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية والشركاء الإقليميين لتعزيز حماية المدنيين وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

لقد أوضحنا أن على إسرائيل الامتثال للقانون الإنساني الدولي واتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتجنّب إلحاق الأذى بالمدنيين. يشمل ذلك التحقيق في الادعاءات الموثوقة بارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان عند حدوثها ومحاسبة المسؤولين عنها. وتمتلك الولايات المتحدة أيضًا أدواتها الخاصة لتقييم الادعاءات ذات المصداقية، مثل قانون ليهي، ونحن نتعامل مع هذه المسؤولية على محمل الجد.

 

ما هو تعليقكم على الرقم الذي قدّمته الأمم المتحدة، والذي يفيد أن 70% من الضحايا في حرب غزة هم في المقام الأول من النساء والأطفال؟

إن خسارة كل حياة مدنية هي مأساة، كما أن مقتل النساء والأطفال، بالإضافة إلى الأوضاع التي يمر بها العديد من الآخرين حاليًا، أمر مؤلم للغاية، حيث تظل الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، نحن ندرك الطرق المؤذية التي يؤثر بها الصراع على النساء والأطفال يوميا، إذ يتعيّن على إسرائيل أن تبذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين، وقد أوضحنا مراراً وتكراراً للحكومة الإسرائيلية أن التزامها بحماية المدنيين لم يكن كافياً.

 

بصفتكم وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، هل تعتقدون أن الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في غزة تساهم في حماية حقوق الإنسان وبالتالي تتطلب التنفيذ، أم تعتقدون أنها تقوّضها؟

تلعب محكمة العدل الدولية دوراً حيوياً في تسوية النزاعات سلمياً، تماماً كما تفعل المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق ومحاسبة مرتكبي أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي.

فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، لقد أوضحنا مخاوفنا في مذكرات مكتوبة أمام غرفة ما قبل المحاكمة، نحن لا نتفق مع ممارسة المحكمة لولايتها القضائية في هذه القضية ونعرب عن قلقنا من عدم معاملة المدعي العام لإسرائيل بشكل عادل. ومع ذلك، فإننا ملتزمون بنقل مخاوفنا بطريقة مناسبة ولا نؤيد فرض العقوبات. وفيما يتعلق بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، فإننا نشعر بالقلق من أن اتساع نطاق رأي المحكمة من شأنه أن يعقّد الجهود الرامية إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتحقيق السلام العادل والدائم الذي تشتدّ الحاجة إليه، مع قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، إذ لا يوجد طريق مختصر لحل النزاع الأساسي، والطريق إلى الأمام هو من خلال المفاوضات المباشرة. لقد أوضحنا باستمرار أنه من الضروري أن تتخذ إسرائيل جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية ومعالجة الخطاب اللاإنساني.

 

يواجه اللاجئون الصحراويون في تندوف، تحديات في تأمين الغذاء والدواء ويعيشون في ظروف صعبة.كيف تتابعون وضعهم، وهل هناك أي مبادرات من الولايات المتحدة لمعالجة احتياجاتهم أو لزيادة الوعي بمعاناتهم؟

تشاطر الولايات المتحدة الجزائر قلقها بشأن اللاجئين في خمس مخيمات في ولاية تندوف، والذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية كبيرة، من خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية. الولايات المتحدة قدّمت ما يقرب من 7.5 مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم السكان الصحراويين في المخيمات في تندوف. فبالإضافة إلى تقديم المساعدات الأساسية المتعلقة بالحماية، مثل الدعم النفسي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، يعمل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين على تعزيز قدرات المعلمين ومديري المدارس وتقوية النظام الصحي المحلي وتوفير برنامج تغذية تكميلي للأطفال المصابين بسوء التغذية، فضلاً عن توزيع مواد الإيواء على اللاجئين الصحراويين لتسهيل تركيب الخيام التقليدية. وعلاوة على ذلك، كان التمويل الأمريكي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمراً حاسماً في استدامة توفير المياه في جميع المخيمات والحفاظ على البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة.

بالإضافة إلى ذلك، قدّمت الولايات المتحدة، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، 750 ألف دولار منذ أكتوبر 2023 لدعم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في تقديم المساعدة الغذائية للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. منذ أكتوبر 2022 قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ما يقرب من 2.3 مليون دولار أمريكي لبرنامج الأغذية العالمي لدعم الاحتياجات الغذائية للاجئين الصحراويين.