38serv
انتشرت في السنوات الأخيرة نداءات استغاثة احتيالية أبطالها أناس محتالون تفننوا في إيهام الناس على أنهم بحاجة ماسة للمساعدة بالمال من أجل علاج أبنائهم أو أقربائهم بالخارج، ليتبين في الأخير بأن ذلك لم يكن سوى احتيالا من أشخاص استغلوا الفضاء الأزرق وطيبة الجزائريين لجمع مبالغ مالية طائلة، أساءت لنداءات الاستغاثة الحقيقية، وأدخلت الشك في نفوس الكثيرين ودفعتهم في النهاية للإحجام عن المساهمة فيها.
كثيرا ما يصادف المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي نداءات استغاثة أطلقها خيرون من الشباب الناشط عبر هذه المواقع أو عائلات تستجدي ذوي الإحسان والسلطات، من أجل التكفل بعلاج أبنائها المصابين بأمراض مستعصية تستدعي حالاتهم العلاج بالخارج.
ومن أمثال هؤلاء "إسلام"،" فؤاد" ،"منتصر" ،"محمد إيّاد" وآخرون، شكلوا نماذج واقعية عن حالات مرضية استعصى علاجها بأرض الوطن، ما استدعى ضرورة النقل إلى الخارج من أجل إجراء عمليات جراحية بمبالغ كبيرة، كانت وراء إطلاق الأولياء نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بهدف مساعدتها على جمع الأموال وإنقاذ فلذات أكبادها.
في شهر فيفري من السنة الماضية أطلقت عائلة الطفل "منتصر جناد" نداء استغاثة ناشدت من خلاله السلطات لعلاج ابنها بالخارج لمعاناته من متلازمة "كروزوفايفر" النوع الثاني، وصرّحت العائلة أنها أجرت 6 عمليات في فرنسا للطفل منتصر، غير أنها لم تستطع مواصلة رحلة علاج ابنها بسبب التكاليف الباهظة.
وقبلها كانت عائلة الطفل جواد بالجزائر العاصمة قد وجهت نداء للمحسنين لمساعدتها على علاج ابنها بالخارج يعاني من مرض كلوي يستدعي العلاج في تركيا، وقدرت تكاليف العملية بمبلغ 440 مليون سنتيم، دون احتساب تكاليف التنقل وإقامة الطفل ووالدته. وقد استظهرت العائلة الملف الطبي لابنها جواد "سكانير، أشعة، فحوصات وغيرها" كلفت لوحدها العائلة البسيطة مبالغ مالية باهظة.
وفي شهر أوت 2022، وجهت عائلة "واضح" من وادي رهيو بغيلزان نداء استغاثة للمحسنين ووزارة الصحة من أجل مساعدتها في علاج ابنها نور الدين ذي الـ 46 سنة، لمعاناته من شلل نصفي ألزمه الفراش خلال السنوات الأخيرة، وتتطلب حالته العلاج في الخارج، بعد أن تعرض لحادث بفرنسا.
ويروي نور الدين أن الأطباء بعد تشخصيهم للمرض أكدوا تضرر الأعصاب، فيما أشارت والدة نور الدين أن تكاليف العلاج باهظة ولا تستطيع العائلة تحملّها.
المحتالون يصطادون في المياه العكرة
لكن لا تخلو حملات التضامن التي تستهدف جمع المال للمرضى بهدف نقلهم إلى الخارج من التحايل، فكثيرا ما يكتشف الناس وقوعهم ضحية تحايل أشخاص نصبوا أنفسهم مرضى أو مسؤولين على مرضى وأطلقوا نداءات استغاثة خاصة عبر الفضاء الافتراضي لجمع المساعدات المالية.
يقول محفوظ ابن ولاية تيبازة أنه وقع ضحية إحدى الحملات التضامنية الوهمية، حيث بدأت القصة عندما كان يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ووقعت عيناه على نداء استغاثة يهدف إلى جمع مبلغ مالي يكفل نقل طفلة صغيرة للعلاج في الخارج لإصابتها بمرض نادر. ويروي الشاب أن إصراره على المساعدة زاد عندما تذكر شقيقه الذي لم تتمكن العائلة من علاجه وتوفي بعد صراع مع المرض.
محفوظ الذي أبدى تضامنا كبيرا مع أصحاب الحملة، جمع مبلغاً من المال من أفراد العائلة وحوله إلى الحساب البريدي المعلن عنه في صفحة الحملة. وواصل متابعة كل ما قد يستجد بشأن حالة المريضة، ليتفاجأ بعد أسابيع باختفاء كل شيء يتعلق بالحملة وأغلقت الصفحات التي كانت تروج لها، ليدرك في الأخير أنه وقع ضحية احتيال.
أما بلال وهو إطار في شركة وطنية بالجزائر العاصمة، فلم يلبث حتى اكتشف خدعة شخص ادعى أنه رئيس جمعية خيرية.
يقول بلال أنه صادف منشور على الإنترنت لشخص يدعي أنه رئيس جمعية خيرية يطلب مساعدة بالمال، من أجل التكفل بطفل يعاني من مرض نادر ومستعصي، وحالته خطيرة تستدعي إجراء كشوفات طبية مكلفة، قبل نقله إلى الخارج للعلاج.
وما كان من بلال من خلال علاقاته إلا أن تواصل مع إنسان محسن، هذا الأخير وافق على التكفل بكل تكاليف العلاج، ليعود بلال ويتصل مع رئيس الجمعية الخيرية المزعوم ليخبره بأن مسألة تكاليف العلاج تمت تسويتها، وطلب منه الملف الطبي لتقديمه للمحسن حتى يباشر الإجراءات، إلا أن رئيس الجمعية المزعوم أصر على أن يقدم له المال شخصيا، حيث واجهه بلال بالتأكيد على أن المحسن عرض التكفل بالطفل شخصيا، ليتفاجأ بلال بإخفاء رئيس الجمعية "المزعوم".