38serv

+ -

 ناقش نواب المجلس الشعبي الوطني، الأسبوع الماضي، مضمون مشروع القانون المتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم، والرامي إلى مواصلة تعزيز مكتسبات هذه الفئة.. وبهذه المناسبة، أقدم في هذا ملخصا لكتابي الموسوم بـ«رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام”، وأركز على أهم الحقوق التي كفلها الإسلام والمجتمع المسلم لهذه الفئة الغالية على قلوبنا.

إن الإسلام قد تضمن الكثير من الأحكام الشرعية التي نبهت إلى ضرورة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة في كثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وكذلك فعل الخلفاء والحكام وعامة المسلمين على مرّ تاريخ الإسلام، حين كان الإسلام والمسلمون في عزة ومنعة وسؤدد، وقد حظي ذوو الاحتياجات الخاصة بأحسن رعاية وأفضل اهتمام. ورعاية المعاق تشمل المحافظة على حقوقه التي كرّسها له الشرع، وهي باختصار:

-حق الكرامة الإنسانية: قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر}.

-حق الحياة الكريمة والعيش بأمن وطمأنينة: لقد حرم الله سبحانه وتعالى التعدي على حياة المعاق، شأنه شأن الصحيح، وهو داخل في عموم من يشملهم الخطاب بعدم جواز إزهاق الروح إلا بحق الله، قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}.

-حق المساواة: فقد قرر الإسلام مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع، يقول الله سبحانه وتعالى: {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم}.

-حق الرعاية: لقد حث القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الإنسان على تحمّل مسؤولياته تجاه أبنائه، ذكورا كانوا أم إناثا، أصحاء أم معاقين، فمما جاء في إعلان حقوق المعاقين، البند رقم (3) ما نصه: (ولهم بغض النظر عن سبب إعاقتهم أو طبيعتها أو مداها كافة الحقوق الأساسية التي يتمتع بها غيرهم من المواطنين من نفس العمر).

-حق التعليم والتدريب: إن التعليم حق من حقوق أي إنسان يجب أن يناله، سواء كان هذا الإنسان ذا عجز أو غيره، وصاحب الإعاقة أحق وأولى الناس بالتعليم. لذا، قرّر القرآن الكريم، منذ بدايات الدعوة الإسلامية، حق المعاقين في الحصول على تعليم مناسب لقدراتهم وأوضاعهم التي هم عليها، ولقد كانت سورة عبس من أكثر السور التي حملت توجيهات تحث على إعطاء المعاق حقه في التعليم، يقول ابن كثير: “قوله تعالى: {كلا إنها تذكرة}، أي هذه السورة أو الوصية بالمساواة بين الناس في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم”.

-حق الاندماج الاجتماعي والتعايش مع المجتمع: يعني الاندماج الاجتماعي للمعاق أن يعيش المعاق في وسطه الذي ولد فيه، وبين أهله وأقاربه، لما لذلك من أثر بالغ في التأثير على الكشف عن مواهبه، وتوسيع مداركه، ثم لتحطيم الحاجز النفسي الذي قد يتكوّن لدى المعاق من رؤية نفسه معاقا، وقد كانت نظرة القرآن إلى هذا الموضوع سبّاقة، يقول الإمام القرطبي: “قوله: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا}، ومقصوده فيما قاله علماؤنا في هذا الباب إباحة الأكل جميعا، وإن اختلفت أحوالهم في الأكل”.

-حق التشغيل مكفول في حدود الإمكان: العمل واجب عظيم يكفل للإنسان الناحية الاقتصادية، ولا يجعله يعتمد على غيره، ولقد حث الإسلام على العمل، وشجع الإنسان المنتج واعتبره في منزلة عالية عند الله سبحانه وتعالى، وحث كذلك ذوي الأعذار على العمل بما يستطيعون القيام به، وذلك حتى لا يبقى المعاق نفسه خارج دوائر حسابات الإنتاج. ولقد تقلد العميان والعرجان في زمن الرسالة وما بعده في الدولة الإسلامية، على اختلاف الأعصار والأمصار، مناصب شتى.

-حق الإرث: وهو حق كفلته الشريعة الإسلامية للبشر بمجرد نفخ الروح فيهم، أي في مرحلة ما قبل الولادة، فكيف لا تكفله لمن ولد حيّا ولا زال، فالعَوَق ليس مانعا من موانع الميراث، بل إن الشرع قد أوجب على الحاكم أن يولي عليه من يرعى شؤونه إذا كان لا يستطيع أن يقوم بها، وخصوصا المعاقين عقليا، فهو يرث ويورث سواء بسواء كالأصحاء، مهما كانت درجة إعاقته أو نوعها، عقلية أم جسدية أو حسية.

-حق التنقل والسفر والترفيه: لابد وأن نهيء السبل والطرق التي تيسر لأصحاب الإعاقة ممارسة الحياة الطبيعية اليومية، وإلغاء كل الحواجز البيئية التي تحول دون تمتعهم بهذا الحق، ويمكن إعداد تصاميم قياسية للمباني ومرافق الإسكان البيئية ووسائل المواصلات التي يسهل للأشخاص ذوي العجز دخولها بسهولة ويسر.

-حق المشاركة في الحديث والمناقشة والأخذ برأيه كلما أمكن ذلك، ومن مصلحة المجتمع أن يشارك المعاق فيه برأيه وفكره. ولهذا، نقول بوجوب مشاركة المعاقين في تحديد سياسة الدولة الاجتماعية، وحق اختيارهم في الأنشطة وما يهمهم من أمور وقرارات، ولقد أثبتت التجارب أن الكثير من المعاقين أثبت جدارته وتفوقه وإبداعه.