رسملة الحرب تفسير اقتصادي لمسمى ”الربيع العربي”

+ -

 نشهد عدة تغييرات على الساحة الدولية الحالية، بدءا من النزاعات الداخلية إلى الحروب الثقافية والهوياتية وتغيّر طرق الإنتاج وتنوع أساليب الربح الرأسمالية، وأهم ظاهرة نشهدها عربيا هي تصاعد وتسارع وتيرة مشروع الشرق أوسطية (منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا). فبعد التدخل في العراق والحرب في اليمن، وصلنا إلى ما يعرف في لغة الإعلام بـ«ثورات الربيع العربي”، وطبعا هذه المصطلحات قابلة للتعديل والنقد الشديد.ففي تطور ظاهرة الرأسمالية مرت بفترات طويلة وصولا إلى الشركات متعددة الجنسيات، والتي تتحالف في شكل شركات عائلية نافذة وأنظمة غربية حاكمة (وايزمان- ديك تشيني) رغم تسويقها كنمط من أنماط الديمقراطية عندهم؟ فهذه الرأسمالية التي كانت في السابق أدوات إنتاجها هي الأموال واليد العاملة والأفكار، وهذا معطى اقتصادي عادي، بل ومن ضروريات المنافسة الاقتصادية، إلا أن التحوّل في الظاهرة جاء مع اشتداد المنافسة العالمية وبروز الأقطاب الآسياوية ذات الخلفية غير الاستعمارية، وجدت الدول الغربية المالكة لأصول الشركات الكبرى العالمية نفسها في وضع حتّم عليها بذل الكثير من الجهد أكاديميا وميدانيا للبقاء في الريادة الاقتصادية العالمية، لأن فرص الربح تتقلص يوما بعد يوم، فالحل هو في هذه اللاإنسانية الاقتصادية التي تتميز بها عن غيرها ممن ينافسونها، ويربحون معها معارك الاقتصاد العالمي، خاصة من الآسياويين. أما البيئة التي تطبق فيها هذه اللاإنسانية الرأسمالية هي البنية المليئة بالنعرات والاختلافات العرقية والمذهبيةـ واستطاع الإسلام أن يجمعها، وهي بلدان لا تحسد على ثروتها العالمية، التي تعتبر الحل لاستمرار الريادة الاقتصادية الغربية، والسبيل الوحيد هو إدخال متغير الحرب بالفوضى كمعطى في العملية الربحية بإثارة تلك النعرات السابقة، بتنصيب ودعم أشخاص وقنوات يديرون هذه الفلسفة (اليزابيث تشيني، برنارد ليفي، وقنوات عربية) التي تمّ الترويج لها بمصطلح ”الثورة” ثم ”ربيع ثوري”، وروّج لها كخلاص لشعوب المنطقة التي لم تحفظ درس الظاهرة الاستعمارية السابق، والذي كان هو الأول نتيجة تطور الرأسمالية وخروجها من أوروبا، حيث تم ”رسملة الاستعمار” آنذاك، وأدخل كضامن للعملية الإنتاجية واستمراريتها في الغرب، ليعود المستعمرون السابقون الآن بمعطى ”رسملة الحرب بالفوضى”، أي حروب التدمير الذاتي، فأصبحت إلى جانب وسائل الإنتاج ضامنا للثروة والرفاه لشعوبهم لعقود أخرى.. ونترك هذه الشعوب مع هذا الدرس الجديد، الذي قد لا ينطلي على من يحملون أفكارا حية، ولا زالت الفرصة قائمة في الكثير من الدول، منها الجزائر، لاستدراك الموقف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات