38serv
لم تكن الرصاصات التي وصفت بالاعتداءات الإرهابية على الصحيفة الساخرة “شارلي إيبدو”، قاتلة بقدر ما كانت منقذة لها، بعدما كانت قد أشرفت على إعلان إفلاسها بسبب ضائقة مالية أجبرت مديرها للنشر في 5 نوفمبر الماضي إلى طلب المساعدة و«الإحسان” من القراء عبر حثهم على تقديم التبرعات للأسبوعية لضمان مواصلة الصدور.وقدرت الأسبوعية خسائرها لسنة 2013 بـ50 ألف أورو، بينما تضاعف حجم هذه الخسائر خلال السنة الماضية لتصل إلى 100 ألف أورو، أدت إلى توجهها إلى مشارف الإفلاس، إذ فيما تطبع الصحيفة الصادرة كل يوم أربعاء 45 ألف نسخة لا تتجاوز مبيعاتها كأقصى تقدير 30 ألف نسخة، بينما لا تستفيد المجلة من أي مداخيل في مجال الإشهار، الأمر الذي يجعلها تعتمد بشكل كامل على المبيعات.واستفادت أسبوعية “شارلي إيبدو” من تبرعات من المؤسسات الإعلامية الفرنسية والأجنبية كذلك، على غرار صحيفة “لو موند” والتلفزة والإذاعة الفرنسية، في حين قدمت صحيفة “ليبيراسون” مقرها مجانا لـ«شارلي إيبدو، كشكل من أشكال المساندة لضمان صدور العدد 1178. وأعلنت القناة الفرنسية “فرانس 5” بناء على ذلك، أنها تبرعت بصفة استعجالية بمبلغ مليون أورو، بالإضافة إلى “صندوق غوغل للصحافة” الذي أعلن عن إعانات بقيمة 250 ألف أورو، وكذا تبرعات النقابة الممثلة للصحافة الفرنسية التي تجمع العديد من الجرائد والمجالات المقدرة بـ200 ألف أورو، وهي التمويلات التي استفادت من امتيازات في تحمل الأعباء الجبائية إلى حدود 65 في المائة، الأمر الذي كسر القاعدة التنظيمية التي تنصص على أن أسبوعية “شارلي إيبدو” لم تكن مخولة للاستفادة من الدعم العمومي باعتبارها صحيفة ساخرة. ولم تصنع المؤسسات الإعلامية الأجنبية الاستثناء، كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة “الغارديان” البريطانية التي أعلنت في موقعها على مستوى شبكة الانترنت عن التبرع بـ100 ألف جنيه إسترليني، وهو ما يعادل 129 ألف أورو.وبالموازاة مع ذلك، رفعت الحادثة الموصوفة على أنها “اعتداء على حرية التعبير والصحافة”، عدد الاشتراكات في صحيفة الساخرة، فقد ذكرت أنها باعت خلال يومين فقط، أي من الأربعاء إلى الجمعة 16 ألف اشتراك. وفضّل نصف الزبائن صيغة اشتراك سنة كاملة، في حين لم تكن الاشتراكات السنوية في الماضي تتجاوز 300 في السنة. ولم تتوقف حمالات التضامن ذات البعد التجاري والربحي المحض عند هذا الحد، من منطلق أن العديد من الهيئات والزبائن العاديين يعملون على بيع الأعداد السابقة لمجلة “شارلي إيبدو” في المزادات العلنية.وبصرف النظر عن هذه الأرباح الخيالية المسجلة في أقل من أسبوع، فإن المجلة الفرنسية الساخرة ستتجاوز كل الصعوبات المادية التي كانت تعانيها، عبر بيع العدد الأخير الذي طبع بـ5 مليون نسخة ورقية بيعت بأكملها، بينما تنازلت المؤسسات القائمة على الطباعة والتوزيع عن مستحقاتها المالية لصالح المجلة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات