تفاهمات في أعلى هرم الدولة حوّلت ”الرابعة” لرئيس بالوكالة

+ -

 بإعلان سلال عن ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للعهدة الرابعة، طوي الحديث عن ”التوافقات” داخل النظام بشأن دعم ”العسكر” لمرشح النظام، وفتح المجال حول طبيعة ”التفاهمات” المتوصل إليها، بشأن ما بعد مرحلة 17 أفريل سواء المتعلقة بنوعية تعديل الدستور وبمنصب نائب الرئيس.بالإعلان الرسمي عن ترشح بوتفليقة لخلافة نفسه، في رئاسيات 17 أفريل، تكون الانتخابات قد أنهيت في اللحظة التي فصل فيها في دخول الرئيس حلبة هذا الموعد الانتخابي وهو مريض، وتتوجه الأنظار حاليا إلى طبيعة الصفقات التي أبرمت داخل المؤسسة العسكرية والأمنية في إعادة ترتيب أوراق التوازنات الجديدة داخل منظومة الحكم حول السنوات الخمس المقبلة من عمر العهدة الرابعة. وبتقديم سلال شخصيا للإعلان عن الفصل في العهدة الرابعة، وهو المحسوب أكثر على جهاز المخابرات، في انتظار تكليفه بإدارة مديرية الحملة الانتخابية للرئيس المترشح، وإعادة استنساخ نفس التحالفات السياسية للأحزاب والمنظمات التقليدية، تكون العديد من الملفات السياسية قد تمت تسويتها في أعقاب ما سمي بالخلاف بين الرئاسة وهيئة الأركان ودائرة الاستعلامات والأمن ووضعت لها ”التوليفة” المناسبة لإخراجها خلال ما يسمى بـ”العهدة الرابعة”، والتي يكون فيها سلال الأقرب للتواجد في الواجهة الأمامية للحكم.وضمن هذا السياق لم تكن خرجات سلال الى الولايات لملء الفراغ الذي ولّده مرض الرئيس وغيابه عن الكلام منذ ماي 2012، مجرد زيارات ميدانية لإعادة تدشين المشاريع، بقدر ما كانت ترمي إلى رفع ”مكانة” الوزير الأول في الساحة، وتسويقه للرأي العام على أنه الوحيد الذي ”حرث” الجزائر طولا وعرضا، وليس كما ادعى سعداني أنه ”لاعب سيّئ في السياسة”، في محاولة لقطع الطريق أمامه، وهو ما يعني ”تجهيزه” للعب دور أساسي في مرحلة ”العهدة الرابعة”، ولن يكون ذلك خارج إنشاء منصب نائب الرئيس في تعديل الدستور المقبل، ليكون بذلك الرئيس ”الظاهر” في الساحة لتعويض الرئيس ”المخفي” عن الأنظار بفعل المرض وعدم القدرة على الحركة. ويفهم من هذا التوجه الذي كان جزءا من الجدل الذي تكفل سعداني بإثارته بطلب من جهة نافذة، أنه لم يكن بالإمكان تمرير سلال وحتى غيره، خارج مثل هذه الصفقة ”التوافقية” التي تضمن لجهاز المخابرات الحفاظ على مواقعه كعصب المؤسسة العسكرية، ويحفظ في المقابل مصالح محيط الرئيس من وراء إقرار ”العهدة الرابعة” التي ستكون بمثابة المرحلة الانتقالية لتمرير ”الوكالة” لنائب الرئيس، خصوصا وأن الأمر يتعلق بتسيير 5 سنوات وليس مثلما جرى الى حد الآن 12 شهرا من وعكة الرئيس الصحية.ويمكن من خلال التعديلات التي ستمس تعديل الدستور، تقديم الطعم لاصطياد الأحزاب السياسية وإدخالها في اللعبة السياسية مجددا، بعدما وجدت نفسها أكبر الخاسرين والمهمشين في هذه ”التفاهمات” التي جرت في أعلى هرم الدولة، سواء عن طريق إعادة توزيع الصلاحيات بين المؤسسات الدستورية وبخاصة منح الهيئة التشريعية مزيد من السلطة في صناعة القرار وتكريس فوز حزب الأغلبية برئاسة الحكومة، أو من خلال توسيع قائمة الأخطار للمجلس الدستوري وتمكين الغرفة الثانية للبرلمان من حق التعديل وغيرها من الأفكار التي طرحت من قبل الطبقة السياسية فيما عرف بلجنة المشاورات لبن صالح.وبمجرد إعلان العهدة الرابعة، تكون الجزائر قد دخلت في مرحلة انتقالية أخرى، لم يقدم فيها من قال إنه ”طاب جنانو” المشعل للجيل الجديد، ولم يحدث فيها ”التغيير” داخل النظام، مثلما تطرحه الطبقة السياسية، وتم الاكتفاء بين أصحاب القرار لعدم قطع ”شعرة معاوية” إنشاء منطقة وسطى تسمى ”رئيس بالوكالة” بحجة أن الجزائر بحاجة إلى ”الاستقرار”، حتى وإن كان استقرارا شبيها بمياه المستنقع هادئة في السطح ومتعفنة في الأسفل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات