قال اللّه سبحانه وتعالى: {والعصر إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} العصر:1-3.أقسم اللّه سبحانه بالعصر وهو الزَّمن كلّه، واللّه تعالى أن يقسم بما يشاء من خلقِه، أمّا العباد فليس لهم أن يُقسموا إلاّ باللّه تعالى، وإقسامه سبحانه وتعالى بالعصر لما يجري فيه من الحوادث والمتغيّرات، ولأنّه مستودع أعمال العباد خيرها وشرّها. وأقسم اللّه ليؤكّد للعباد بأنّ كلّ إنسان في خيبة وخسارة مهما كَثُر ماله وولده، وعظم قدره وشرفه إلاّ مِن جمع هذه الأوصاف الأربعة: الأوّل، الإيمان وهو قول باللّسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح. والثاني، العمل الصّالح، وهو كلّ قول أو فعل يُقرِّب إلى اللّه بأن يكون فاعله للّه مخلصًا ولمحمّد صلّى اللّه عليه وسلّم متبعًا، وعطف العمل الصّالح على الإيمان وإن كان داخلًا فيه من أجل الاهتمام به، والتأكيد على أن تصديق القلب لا ينفع بدون عمل. والثالث، التّواصي بالحقّ، وهو الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر، والدعوة إلى اللّه على بصيرة وحكمة، وتعليم الجاهل، وتذكير الغافل فلا يكفي أنّ الإنسان يقتصر على إصلاح نفسه، بل لابدّ أن يَعمل على إصلاح غيره، وهذا يدلّ على وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. والرابع، التّواصي بالصّبر، لما كان للدّاعي إلى اللّه تعالى، والآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر لابدّ أن يلحقه أذى النّاس، أمر تعالى بالصّبر على آذاهم، وتحمُّل ما يناله من الأذى، وفي وصية لقمان لابنه قال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لقمان:17. قال الإمام الشافعي رضي اللّه عنه: ”لو ما أنزل اللّه حجّة على خلقه إلاّ هذه السورة لكفتهم”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات