38serv
كلّنا ننشد التّغيير ونسعى لتحسين أوضاعنا ونتمنّى زوال الفساد من مجتمعاتنا، ولكن أكثرنا أو معظمنا يعتقد أنّ الإصلاح والتّغيير يأتي من غيره وأنّه هو غير معني به، ولذلك يلقي دومًا باللائمة على الغير ويُوجِّه سهام نقده للآخرين ويستثني نفسه، سواء كان هذا الآخر حكومة أو مديرًا أو زملاء في العمل أو في أيّ موقع كان، دائمًا يرى نفسه أنّه غير معني بالتّغيير ولا يد له في الفساد الموجود حوله، وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثيرون. يقول ديننا لنا إنّ كلّ واحد مسؤول وله دور في التّغيير، يقول رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم: ”كلُّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته”، والتّغيير لا يأتي إلاّ إذا قام كلّ واحد بدوره وأزال الفساد الّذي به، يقول تعالى: {إنّ اللّه لا يُغيِّر ما بقوم حتَّى يُغيِّروا ما بأنفُسِهم}، ومعنى الآية أنّ اللّه لا يرفع عنّا المصائب والفساد المحيط بنا والمتفشّي في المجتمع من رفع البركة وغلاء المعيشة وانتشار الأمراض المختلفة بيننا وتسلّط المجرمين واللّصوص والأشرار علينا وتفشّي الظلم والحقرة بيننا إلا ّ إذا أصلحنا نحن أنفسنا وأزلنا فساد ما بنا.التّغيير لا ينزل علينا من السّماء دون أن نبادر نحن بالعمل على إزالته في حدود طاقتنا ومسؤوليتنا، فكما أنّ الفساد الواقع بنا والمَصائب النازلة علينا هي بسبب منّا كما قال اللّه تعالى: {ومَا أصَابَكُم مِنْ مُصِيبَة فبِمَا كَسَبَت أيْديكُم وَيَعْفُو عن كثير}، ويقول تعالى: {أَوْ لَمَّا أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُم مِثْلَيْها قُلْتُم أنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْد أنْفُسِكُم}، ويقول: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاس لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الّذِي عَمِلُوا لعلَّهُم يَرْجِعون}، والفساد المقصود المصائب الّتي يُعاقب بها اللّه تعالى عباده عندَما ينحرفون عن الدّين وتسوء أخلاقهم، فكذلك تغيير هذا الفساد لا يكون إلاّ منّا وبنا.يقول نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم: ”ما نزل بلاء إلاّ بذَنب وما ارتفع إلاّ بتوبة”، ويقول أحد العلماء: ”أقيموا دولة الإسلام في أنفسكم تُقَم لكم على أرضكم”. إذا كنت تريد أن يقام الإسلام على الأرض وتقرّ به عينك، فابدأ بنَفسك أوّلاً وطبِّق أحكام الإسلام عليها، عند ذلك سترى الإسلام قائمًا على الأرض، لأنّ المجتمع يتكوّن منّي ومنك ومن غيرنا، فإذا التزم الجميع به كان هو النظام الّذي يطبَّق على الأرض:ابدأ بنفسك فانْهها عن غَيِّهافإذا انتهت فأنتَ حكيم
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات