قرار صعب.. لكنه ممكن: أسبوع بلا فايسبوك

38serv

+ -

دون مقدمات، كنت قد قررت إيقاف حسابي على الفايسبوك، ولغرضٍ بسيط هو معرفة مدى تأثيره على حياتي وتقييماً لطريقة استخدامي لهذا الموقع الذي نقضي معظم وقتنا فيه. قمت بتحديد الفترة بشكل مسبّق، وبدأت في التفكير فيما لو كان هناك ضررٌ ما قد يحصل، في حال فقدان التواصل مع شخص معين، أم أن الجميع لديهم بدائل وجاهزون في حال توقف أو اختفاء هذه الخدمة.في اليوم الأولأول ما تحتاجه صباحاً مع فطور الصباح هو جرعة من الأخبار السريعة دون تفاصيل، لتعرف ما حصل في العالم أثناء نومك، وتضمن أنه لم يفتك شيء من مسلسل الحياة، على الرغم من عدم وجود أخبار سارة تُقرأ في بلادنا، ولكن الاطلاع على الواقع أمر مطلوب. وأول بديل سيخطر ببالك هو تويتر.ما يعجبك بشكل عابر قد لا يكون شيئاً مفضلاً بالنسبة إليك، فـعلى ”تويتر” ليس بإمكانك التعبير عن إعجابك بشي، كل ما يمكنك فعله هو وضع التغريدة التي تعجبك ضمن التغريدات المفضّلة.اليوم الثانيتبدو الأمور أكثر يسراً، بدأت نوعاً ما تتضح الفوارق على كل الأصعدة في المقهى.. قلَّ التصاق الهاتف بيدي.. أصبح هناك تفاعل أكبر وأغنى على الشبكات الأخرى، وبالتأكيد عمر بطارية الهاتف أصبحت أطول. والأهم بدأت استكشف وجوه العالم الطبيعية من حولي!!في هذا اليوم أصبحت أشعر أنه ما من أحدٍ يراقبني، وخاصة من أحبُّ تسميتهم ”أبراج المراقبة” والخلايا النائمة في قائمة الأصدقاء، والتي اعتدت على التخلّص من بعضهم بين الحين والآخر.معظم الأشخاص لست مضطراً لقبول إضافتهم، ولست مضطراً للتبرير، علماً أن هناك بعض التقاليد التي باتت تجبرك على قَبول الإضافات وكأن قبولك أو رفضك لطلب صداقة ما.. سيحدد مصير العلاقة في الحياة الحقيقية.اليوم الثالثأصبحت ألحظُ تماماً فيما لو أننا لم نكن مدمنين على الفايسبوك، فغالبُ الظنِّ أننا سنجد شيئاً آخرَ ندمن عليه، كما كنا صغاراً مدمنين ألعاب الفيديو. تبقى المهمة الصعبة الإضافية في مهام الحياة هي إيجاد توازنٍ بين كل هذه الأدوات، وعدم جعل أياً منها يطغى على بقية حياتك.الشيء الجميل الذي عدت إليه بعد إيقاف حسابي هو الإبحار مجدداً في المدوّنات. يخطر ببالك أن تزور صفحات مدوّنين لم تزرها منذ شهور، ربما لأن الكثير منهم بات يستخدم الفايسبوك لتدوين أفكاره.اليوم الرابعأبدو بحالة جيدة، لم أتوقع أنني ومع انطلاق اليوم الرابع سأكون قد نسيت الفايسبوك، لم يعد يخطر ببالي كثيراً، غالبُ الظن أنني قد نسيتُ حتى قضية الإيقاف المؤقت، نسيتُ أنني خصصتُ له يومياً ربع ساعة لكتابة هذه المقالة. في نهاية اليوم الثالث كان تركيزي في أكثر الوقت على الأصدقاء، وأحفزُ كل من يفتح الفايسبوك من جواله على إغلاقه.. الأمور كانت أفضل، والاجتماع مع الأصدقاء كان ممتعاً أكثر. قبل أيام من إيقاف حسابي، كنا نتناقش أنا وأحد الأصدقاء عن الثقافة التي ينشرها الفايسبوك. الكثير من رواد الفايسبوك، وخاصة في عالمنا العربي المنحوس بحظّه في القراءة، باتوا يعتبرون الفايسبوك مصدراً تنويرياً لتزويدهم بالمعلومات والمعرفة.. شخصياً لا أخفي أهميةَ بعضِ الصفحات التي تنشر محتوياتٍ ذاتِ أهميةٍ ثقافيةٍ علميةٍ ومضمونٍ جيد، ولكن الفايسبوك ومهما أصبح حجمُ المعلومات ضخماً فيه، فهو لن يكون أنفع لك من كتاب تقرأه. فالكثير من الصفحات تنشر الثقافة الرخيصة، ثقافةً للاستهلاكِ اليومي، وهي لا تجعل منك شخصاً ذا اطلاعٍ أو معرفة.اليوم الخامسيتيح لك الفايسبوك ليس فقط متابعة الأخبار والتحديثات والنشاطات والفعاليات، بل هو بشكل أو بآخر يطلعك على حياة الناس من حولك، فتشعر فجأةً بأنك تأخذ حالَ المراقب للناس، قد لا يكون هذا من طباعك، ولكن كلَّ الناس مندفعةٌ لنشر بعضِ تفاصيل حياتها على الفايسبوك، بعضها مهم، كأن يشارك أحدهم خبراته بشيء ما، أو تجاربَ مختلفة، ولكن هناك قد يكون بعض التحديثات لتفاصيلَ لا تصلح للنشر، أو أنها لا تعنيك، ولكنك تتطلع عليها.اليوم السادسهو يوم إجازةٍ، أي أنه يومٌ بعيدٌ عن حياة المكتبِ والمنزل، اِستثمارٌ ليومِ الإجازةِ من أوّلِ دقيقة ٍحتى آخر دقيقة، دون أن تضيعَ لحظةٌ واحدة في العالم الأزرق.فكّرتُ في هذا اليوم في المدة التي قضيتُها بعيداً عن الفايسبوك، شعرتُ بالسرورِ البالغِ لاِنقضاء المدة، وأن اليومَ التالي هو آخر يومٍ من هذه التجربة. لا أخفي على أحد.. كانت لديّ توقعاتٌ وشكوكٌ بأنني لن أستطيعَ إيقاف الحساب لهذه المدة القصيرة، لا سيما أنّ البعضَ شكّكَ في إمكانيةِ التخلي عن هذه الشبكة.اليوم السابع والأخيرالفايسبوك ببساطة لا يعني لي شيئاً اليوم، لكن ومع ذلك أتحرّقُ شوقاً للعودة غداً إلى الصفحات الزرقاء، أريدُ أن أشاركَ التجربة هذهِ مع الأصدقاء وأن أنهي هذه المقالة، وأنتظرُ بفارغِ الصبر ردّاتِ الفعل.. أتوقعُ وبشدة أن يسخرَ البعضُ من تضخيمِ هذه التجربة بالنسبة لي، ولكن إذا كنتَ من مدمني الفايسبوك فأدعوك لتجربةِ الاستغناء عنه، وإن لم تكن مدمناً عليه فلابد وأنك مدمنٌ على شيءٍ آخر.. جرّب واستغنِ عنه.. اكتب تجربتك، فهذا سيساعدك على الاستمرارِ والصمود، ثم انشرها وشاركها وانتظر ردّاتِ الفعل والتعليقات. بكل تأكيد لا شيءَ مهم تغيّر، ولكن بالنسبةِ لي كان أسبوعاً مختلفاً عن باقي أسابيعِ حياتي.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: