+ -

 قيل أنه في آخر الزمان يُرفع خُلُقِ الحَياء من المعمورة، ويصبح الإنسان مثل الحديد الصدأ، فلا تحمر وجوه، ولا تصفر أخرى، من بخسها، ولا يهمّ إن اكتشف الناس كذبها أو نفاقها أو سرقتها أو .. لكن الجزائر دخلت آخر الزمان قبل الأوان، وقبل كل الأمم، ليس لأنها تسمرت في مكانها منذ 50 سنة ولم تعرف التقدم الذي تنشده كل الأمم، بل لأن الجزائر عرفت ظواهر إنسانية تصنّف ضمن ما يسمى ”آخر الزمان”، وتستدعي أن تدرج ضمن دراسات علم النفس والاجتماع الحديث،  ولو عاد بن خلدون لألّف في شأنها أكثر من مقدمة وأسماها ”مؤخرة جزائرية”.. إن المتتبع لبعض المدافعين عن العهدة الرابعة وفخامته، يُخيّل إليه أنهم يتحدثون إلى أبله أو متخلف عقليا لا يفقه شيئا، وليس مع شعب غالبيته شباب ونسبة عالية منه متخرج من الجامعات، وفيه أهل علم وفكر وفقه وغير ذلك.. يستميت هؤلاء في الدفاع عن مواقفهم ويبرّرون ذلك بلا منطق وبلا حجة، في خطاب شعبوي يندى له الجبين، ويمس بصورة الجزائريين كشعب قاد أعظم ثورات التاريخ الحديث، خاصة وأن غسيلنا بدأ يخرج إلى الفضائيات والقنوات الأجنبية وعيبنا يظهر للعيان، فضحكت من جهلنا الأمم. فمهما فعلنا، هؤلاء سيحسبون على الشعب الجزائري، ومهما كان خطابهم، سيقول كل من يستمع إليهم، أنظر هؤلاء هم الجزائريون. بالضبط كما عانينا من عشرية الإرهاب، واحتسب على الجميع، أننا إرهابيون، سوف يحسب علينا أيضا أننا أغبياء وانتهازيون ومدعاة للسخرية والضحك. إنكم للأسف جزائريون أحببنا أو أبينا.. أكيد أن الشعب لا ينتظر منكم أن تخرجوا للعلن، فتقولوا أنه من مصلحتكم بقاء بوتفليقة في الحكم، حتى لو كان نصف ميت، لأنه يحافظ على استقرار شركاتكم وحسابكم البنكي وعلاقاتكم.. ولا ينتظر أن يخرج أحدكم ويقول إن بوتفليقة سيضمن له منصبه وامتيازاته وامتيازات من حوله.. ولا ينتظر أن يخرج أحدكم ويقول إن بقاء بوتفليقة سيجنّبني الحساب العسير، لأنني اختلست وسرقت في فترة حكمه، وربما بتواطؤ محيطه وانتهكت حرمات الوطن بالطول والعرض.. وأكيد لن ينتظر الشعب أن يبرر كل واحد هذا الاختيار ودفاعه عنه من أجل مصالحه.. ولهذا على الأقل أيها الانتهازيون، المتسلقون والمنافقون، توقفوا عن تسويق خطابكم خارج الجزائر، والقول إن بقاء بوتفليقة هو لخدمة الجزائر ومستقبل الجزائر ووحدة الجزائر واستقرار الجزائر.. توقّفوا عن القول إن بوتفليقة لا يحتاج إلى حملة انتخابية، لأن إنجازاته تتحدث عنه والواقع أن الإنجاز الوحيد الذي تركه بوتفليقة هو أنتم لأنكم وحدكم تتحدثون، أما الإنجازات فتشتكي من سوء إنجازها.. ارحموا المواطن على الأقل من تبريراتكم ولا تقدموا الشعب للرأي العام العالمي، على أنه غبي ولا يفقه شيئا، ما يجعل أي جزائري يحس برغبة في كسر جهاز التلفزيون، وهو يستمع إلى تبريراتكم ودفاعكم الأعمى عما لا يقبله عقل ولا جوارح.. كأن يصر أحدهم على قناة فرنسية على القول إن الرئيس بوتفليقة بخير وقادر على أداء مهامه الرئاسية، رغم أن الرئيس المترشح لم يشاهده أحد دخل المجلس الدستوري ماشيا على قدميه.. يا سادتي إن تبرير ما لا يبرر، يلزمه تقنيات عالية وخبراء وأهل الحل والربط ويلزمه ذوو الثقة من يمكنهم إقناع الناس أن الشمس تشرق من الغرب وليس من الشرق، أما أنتم من حلبتم من هذا النظام والريع البترولي بطريقة وأخرى وخرجتم للدفاع عن عهدة رابعة يدخل في خانة ”إن لم تستح فافعل ما شئت”..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: