“مستعدة لتكوين أبناء بلدي الذي بدأ يفقد ركائزه المسرحية”

38serv

+ -

تنحدر سندا قصاب، المخرجة المسرحية ببلجيكا، من أصول جزائرية، بالضبط من مدينة عزابة. تعد من بين المخرجين المسرحيين القلائل في المسرح البلجيكي، دخلت التمثيل وعمرها لا يتجاوز الـ16 سنة وقد كانت لها أولى مشاركة في مهرجان “أفنيون”، حائزة على شهادة ليسانس في الفنون المسرحية بفرنسا التي قالت بشأنها، في حوار مع “الخبر”، بمناسبة إشرافها على ورشة تكوين استفادت منها مجموعة من الممثلين بالمسرح الجهوي لسكيكدة، إنها “رفضت التمثيل بها واختارت بلجيكا”، كما سبق لها أن عرضت مسرحيتها “لقد فهمتكم” بالجزائر وأوصت باستكمال أعمال الراحل علولة.كيف كانت بدايتك مع الركح؟ كانت بدايتي المهنية في المسرح وعمري 16 سنة في مهرجان “أفنيون”، درست المسرح بفرنسا وتحصلت هناك على ليسانس في الفنون المسرحية من جامعة “مونبوليي”، لكن بعد ذلك اكتشفت أن المسرح بفرنسا لا يناسب تطلعاتي ومبادئي، لأن الأدوار التي كانت تقترح علي بقيت في إطار كاريكاتوري يسيء للفتاة المهاجرة الجزائرية، وقد عملت مع مسرحيين من بلجيكا ما أقنعني بالذهاب إلى هناك لإكمال مسيرتي الفنية، وتمكنت من النجاح في مسابقة الدخول إلى المدرسة العليا للمسرح بـ”لياج”، حيث تخرجت منها متخصصة في المسرح، وهي مدرسة صعبة لأن الالتحاق بها يكون بعد مسابقة، كما أن الطالب معرض للطرد في أي لحظة نظرا للقوانين الصارمة، فكان يجب أن نظهر قدراتنا كل يوم لمدة 4 سنوات. كانت نقطة مهمة جدا في حياتي، حيث تعلمت أن أكون مبدعة فوق الخشبة، وأؤدي أدواري بامتياز، وحاليا أصبحت مخرجة ومكونة وأفضل أن يستفيد أبناء وطني من خبرتي. هذه المدرسة منحت لي إمكانات نظرية وعملية كبيرة، فهي تعمل على تدريس المسرح الغربي والشرقي وهي متأثرة بـ”ستانسلافسكي”، “ڤوتوفسكي”، “كابولي” وآخرين. في هذه المدرسة نتعلم لنصبح ممثلين، كتابا مسرحيين، ومخرجين في آن واحد، فهي تعطي القدرة على الإبداع المسرحي.من شجعك على اختيار الفن الرابع وما هو رصيدك فيه؟ شجعني على ولوج عالم الركح جدي وجدتي (رحمها الله) وهما من مدينة عزابة ولم يدخلا المدرسة يوما، لكنهما علماني أن أذهب إلى أقصى قدراتي وأن الثقافة هي التي تعلمنا المبادئ الكبيرة التي علينا الدفاع عنها. أخرجت 5 مسرحيات في بلجيكا وقد عرضت هذه المسرحيات في أوروبا في إطار جولات فنية. وأول مسرحية قمت بإخراجها هي “لقد فهمتكم” في 2011، كنت ممثلة وكاتبة ومخرجة وهي حاليا في جولة عبر العديد من العواصم الأوروبية. تتحدث هذه المسرحية عن شهادات أشخاص عايشوا حرب التحرير، وتلمس الحاضر أيضا من خلال التنديد بالعنصرية والتقسيم في فرنسا، كما تحاول هذه المسرحية أن تحكي تاريخ الجزائر العميق، من خلال سرد قصص صغيرة لأشخاص، وأن تاريخ الجزائر وإفريقيا أقدم وأعظم من أن يبدأ بدخول الغربيين إليه، فهو مهد الإنسانية.هل سبق لك أن وقفت على الخشبة؟ لقد مثلت في الكثير من العروض المسرحية، وانطلقت مسيرتي المهنية منذ سن 16، حيث بدأت بمسرحية “ضحكة هشة” لـ”فيليب افرون” بـ”أفنيون”، التي تتحدث عن ذكريات الطفولة. كذلك عملت على نص “ألان بيار” “تساؤلات عن العالم الحاضر”، وقمت كذلك بأعمال لـ”سارة كاين” و3 مسرحيات لـ”برخت” الذي تأثرت به فهو كاتب ذكي جدا. مثلت أيضا “كورتيثانيا” في مسرحية “حلم ليلة صيفية” لـ”شكسبير” ودور “فيدر” في مسرحية “فيدر” لراسين وهما مسرحيتان كلاسيكيتان. في نوع مسرحي آخر مثلت لـ “ماري أسفن بور” وكذلك “هاملت ماشين” لـ”مولر”، حيث لعبت دور “هاملت” وهي مسرحية لـ”توماس ريشار” وريث “ڤوتوفسكي”. لقد ذكرت أكثر الأعمال تأثيرا، فهناك الكثير كوني شخصا نشطا لا أنام كثيرا وليس لدي عطل.زرت الجزائر في إطار التكوين، ماذا تقدمين للشباب الجزائري؟قدمت إلى الجزائر في إطار مسرحيتي “لقد فهمتكم” التي عرضت عدة مرات في الجزائر، عدا ذلك هذه أول مرة أعمل فيها في إطار التكوين بالجزائر، والبداية كانت بالمسرح الجهوي لسكيكدة. وبالمناسبة، أشكر إدارة المسرح التي وفرت أجواء رائعة ساعدتني والعضوين المرافقتين لي على العمل، كما لمست شيئا مفرحا عند الشباب المحب للمسرح الذي قدمت له تكوينا من الدرجة العليا.كيف وجدت مستوى المسرح الجزائري؟ أعتبر أن الإبداع المسرحي ليس للترفيه فقط، وأنه قبل كل شيء فضاء للتساؤل حول الحاضر والمجتمع. يدفعنا المسرح إلى تحليل واقع مجتمعاتنا، لنصبح أفضل كأشخاص وكمجتمع. المسرح الجزائري واعد جدا فهو غني إنسانيا، ثروة يغير منها الغرب، فولادته كانت من الساحات والأسواق قبل المسرح البرجوازي الفرنسي بكثير. أحب أن أرى يقظة هذا المسرح الذي هو مطالب باستكمال أعمال “علولة” (رحمه الله). أحلم بفضاء للشباب السكيكدي، يتعلم فيه كيف يصنع مسرحا جادا، وذا نوعية جيدة، وأن يلقنوا ما يتعلمونه للآخرين.. أنا مستعدة للعمل في مجال التكوين في مختلف مناطق الجزائر، لكي أكوّن أبناء بلدي الذي بدأ في فقدان ركائزه المسرحية. سأعود مرة ثانية إلى الجزائر، من أجل إنجاز عمل مسرحي قد يعرض في المهرجان الوطني للمسرح النسوي بعنابة، وإلى جانب هذا العمل الذي سنشرع فيه بداية شهر فيفري من السنة الجارية، سأقوم بجولات في أوروبا لعرض أعمال سابقة، كما أعمل على مشروع تسجيل صوتي حول القضية الفلسطينية، وذكر أسماء ضحايا لم تذكر أسماؤهم في الإعلام العالمي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات