ما هو حكم الاحتفال، ولو بأبسط مظاهره، بعيد الأم؟

+ -

 الإسلام دين الله على هذه الأرض، والّذي ختم الله به جميع الأديان والرّسالات، شرّف المرأة وكرّمها وأعطاها حقوقها المادية وحقوقها المعنوية، وقد كانت آخر وصية للنّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم وجّهها لأمّة الإسلام مشتملة على وجوب الإحسان للنّساء وتحريم ظلمهنّ، فكيف نغّض الطّرف عن دين الله الحقّ المتّصف بالعدل والإحسان، لنُقبِل على تشريعات يُمليها أعداء هذا الدّين من الكفّار والمشركين. ومن المعلوم أنّه إن غفل النّاس عن أمر واحتقروه ولم يهتمّوا به خصّصوا له يومًا ليذكر في المحافل، أو لتعطى فيه زهرة سرعان ما تذبُل وينطفئ جمالها، ولنسمع إلى قوله تعالى: ”وعَاشِرُوهُنَّ بالمَعروف فإن كَرِهتُموهنّ فعَسَى ان تَكرهوا شيئًا ويَجعَل اللهُ فيه خيرًا كثيرًا” النّساء:19، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”خيارُكم خياركم لنسائهم” رواه احمد والترمذي وهو صحيح، فلا يكون الرجل فاضلاً حتّى يكون حسن المعاملة مع أهله، وقال صلّى الله عليه وسلّم في رواية أخرى: ”أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا، خياركم خياركم لنسائهم” رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح، وفي رواية قال صلّى الله عليه وسلّم: ”خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي وهو صحيح. وقال صلّى الله عليه وسلّم في خطبة الوداع: ”اتّقوا الله في النّساء، فإنّهن عَوان عندَكم، أخذتموهنّ بأمانة الله واستحلَلتُم فروجهنّ بكلمة الله ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف” رواه مسلم. والأم داخلة في عموم هذه النّصوص، وقد خصّت بآيات وأحاديث عظيمة توجب برّها والإحسان إليها والعطف عليها في كلّ حين وعلى كلّ حال، وتحرّم عقوقها، ثبت في الصّحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رجلًا قال: ”يا رسول الله، مَن أحقّ النّاس بحُسن صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثمّ مَن؟ قال: أمُّك، قال: ثمّ مَن؟ قال: أمُّك، قال: ثمّ مَن؟ قال: أبوك” رواه البخاري ومسلم. وفي هذا دليل على عظم حق الأم، بل جعله الله بعد حقِّه مباشرة حيث قال: ”واعْبُدوا اللهَ ولا تُشرِكوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا” النّساء:36. وتخصيص الأم بالبرّ والمرأة بالإحسان بيوم واحد في السنة، لتُعقّ الأم بعد ذلك وتُظلم المرأة ليس من الإسلام في شيء، بل هو من عادات الكفّار والمشركين الذين لا يدينون بدين الإسلام، فلم يعرفوا أحكامه وتشريعاته العظيمة الّتي أعطت لكلّ ذي حقّ حقّه. فعلى المسلمين أن يتفطّنوا ويرجعوا إلى دين الإسلام بعقيدته وشريعته وآدابه، فلا سبيل لهم إلى النّهوض والتقدّم والسّيادة إلاّ بالرّجوع إلى كتاب الله وسُنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: ”كُنتُم خيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَت للنّاس تأمُرون بالمَعروف وتَنْهَوْنَ عن المُنكَر وتُؤمِنون بالله” آل عمران110. وقال تعالى: ”ولَوْ أنّ أهْلَ الْقُرَى آمنُوا واتَّوْا لَفَتحْنَا عليهِم بَركاتٍ منَ السّماء والأرض” الأعراف96 ، غير أنّه إن كان الاحتفال خاليًا من سلوكات لا دينية، وجرت حسب العُرف للزّيادة في الاحترام والتّقدير وللفت الانتباه للغافلين عن مكانة المرأة في المجتمع، فأرجو أن يكون في ذلك متسَع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات