رئيس الجمهورية يصف منافسيه على الرئاسة بـ”النصّابين”

+ -

 اتهم الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، في رسالته التي نشرتها وسائل الإعلام العمومية، قبل ساعات قليلة من انطلاق الحملة الانتخابية، المترشحين الخمسة للانتخابات بـ”النصب على الجزائريين”. وتحدث لأول مرة عن حالته الصحية، قائلا إن سبب تدهورها هو “أعباء المسؤولية التي قوّضت قدراتي”.تستوجب رسالة بوتفليقة مجموعة من الملاحظات، أولها أنه استعمل وسائل إعلام تابعة للدولة ليطلب من الجزائريين الانتخاب عليه يوم 17 أفريل، وهذا يتنافي مع قانون الانتخابات ويضرب مصداقية التعليمة التي أصدرها بنفسه قبل أسابيع، التي تلزم الحياد في التعامل مع المترشحين. ولنفرض أن علي بن فليس أو موسى تواتي، أرادا التوجه بخطاب للجزائريين عشية انطلاق الحملة الانتخابية، هل كان سيقبل توفيق خلادي مدير عام التلفزيون وعبد الحميد كاشا مدير عام وكالة الأنباء الجزائرية، وشعبان لوناكل مدير الإذاعة الوطنية، بث دعوتهما إلى انتخابهما؟ المؤكد أنهم لن يوافقوا على ذلك.وتعدّ الرسالة بمثابة إعلان عن الترشح، كان منتظرا أن يبادر به المعني قبل أن يضع ملفه بالمجلس الدستوري. والأصل أنه يعبّر عن مضمونها شفاهة لا أن تقرأ نيابة عنه من طرف وسائل الإعلام العمومية. وبما أنه لم يقرأها بنفسه، فهذا دليل على أنه مريض. وإذا كان بوتفليقة عاجزا عن بذل مجهود لقراءة رسالة، فكيف له أن ينهض بأعباء رئاسة بلد يسكنه 38 مليون شخص؟!وإذا وضعت رسالة الرئيس المريض في سياقها، فهي مرتبطة ببيان اليمين زروال الأخير. وعلى هذا الصعيد يمكن قراءتها على أنها ردّ على الرئيس السابق الذي شكك في قدرة بوتفليقة على الاستمرار في الحكم، واتهمه صراحة بقتل مبدأ التداول على السلطة عندما عدّل الدستور في 2008. وثيقة بوتفليقة عبارة عن رسالة إلى زروال مفادها: “لن أرحل عن الحكم”.وللتعبير عن رفضه مغادرة السلطة وتشبثه بالكرسي، استعمل بوتفليقة ألفاظا فيها كثير من الذاتية والنرجسية. والأهم هي خالية من أي تقييم موضوعي لحصيلة العهدة الثالثة، حتى يبرر لنفسه طلب الرابعة.ومن بين العبارات التي استعملها: “الإصرار على تطويقي بثقتكم” و”أراكم أبيتم إعفائي من أعباء تلك المسؤوليات التي قوضت ما قوضت من قدراتي”، و”أمعنتم في إلحاحكم على أن أبذل بقية من تبقى لديّ من قوة في استكمال إنجاز البرنامج الذي انتخبتموني من أجله”. و”قضيت سحابة عمري في خدمة بلادي” و”جعلت من قضية الجزائر غاية حياتي ومماتي وعلّة وجودي”.ما أراد بوتفليقة تصويره، في هذا الخطاب، هو أنه زاهد في السلطة ومتعفف عن الكرسي وغير راغب في الحكم. بينما كل الجزائريين يتوسلون إليه يوميا، ويتمنون لو يقبل أن يستمر في إدارة شؤونهم حتى لو كان مريضا عاجزا عن آداء مهامهم! ما أراد بوتفليقة أن يقوله هو أن مشاكل الجزائريين أنهكت قواه، وتسببت في النزيف الذي أصابه في المعدة نهاية 2005 وفي الإصابة بالجلطة الدماغية في أفريل 2013، ولكن حبه للجزائر وشبابه الذي أفناه في خدمتها يأبى عليه إلا أن يقبل الترشح لعهدة رابعة!وينسب الرئيس في رسالته، “حقن دماء الجزائريين”، كما يقول، لنفسه وحده فيذكر: “يجوز لي وبحق أن أحدّث بآلاء ربي، على ما حباني به من فضل العمل على حقن دماء أبناء الجزائر”. وبذلك هو ينكر العمل الذي بذله الجيش ومجموعات الدفاع المدني والحرس البلدي، وفئات واسعة من الجزائريين، في التصدي للإرهاب. وارتكب بوتفليقة “انزلاقا خطيرا” في بداية حملته، في حق المترشحين الخمسة بوصف وعودهم بـ”الكاذبة” واعتبرهم “مخلصين مزيفين” و”متشدقين يحاولون النصب على الشعب الجزائري”. وفي نفس الخطاب يدعو إلى أن يكون “التنافس الانتخابي شريفا وهادئا”!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: