+ -

 “عيطة وشهود على ذبيحة قنفود” إذن ولكن الظاهر أن القنفود هو المواطن الجزائري البسيط الذي أضاع بوصلته منذ عقود ولم يعد يعرف إلى أين يتجه، فيصاب ببلبلة نفسية جعلت المرض يحتشدنا في المستشفيات العقلية، وقد أضحت ملجأ ضد كل الخيبات والإرهاصات والتعاسة، فيصنع المجتمع المريض والمتشعب والمجنون إنسانا مستلبا لم يعد يفرّق بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الجبن والشجاعة، وفي آخر المطاف ينكر ذاته ولغاته وهويته، فيبقى كالمعلق فوق شجرة تنسفه الرياح من كل جهة.وهكذا ضربت “اللهفة” أطنابها وكما قلنا آنفا تحطم سلّم القيم وأصبح كل جزائري إمبراطور مملكته، لا تهمه الوحدة الوطنية ولا يهمه الشهداء الذين حرروا الجزائر وقد أريد من هذه التصرفات طي صفحة الثورة وفتح ملف الخيانة على مصراعيه فزني في التاريخ الجزائري وتكونت عصابات مافياوية صغيرة أو كبيرة، وذلك على كل المستويات وحتى على المستوى الثقافي، حيث نصّبت ثلّة من الأشخاص الرداءة  كمعيار أساسي وسلم للارتقاء إلى أعلى المناصب والوزارات وبقاع المال والأموال.ولو أننا أحللنا الإنسان الجزائري محل الإلاه مثلما فعل “هيڤل” الفيلسوف الألماني، ولو نظرنا إلى التاريخ من حيث هو المسيرة الضرورية للإنسان في الزمن وفي المكان، نحو تحقيق غاية محايثة للتاريخ، فإنه من البديهي أننا سنقتطع ميدان التاريخ ونثبته على أرض الواقع، غير أن ذلك لا ينجم عنه وجود هذه الغاية النهائية وهذا الهدف الأساسي، ألا وهو خلق وبعث دولة جزائرية فخورة بهويتها وسياستها وباقتصادها، أي دولة جزائرية تضع الإنسان الجزائري وسط كيان الدولة وهوس السياسيين، أي أن تكتب هذه الدولة على جبهتها أهمية السعادة الإنسانية كحق كل شخص على الأرض الجزائرية المخضّبة بدماء الثوار، وليس هذا الموقف موقفا حنينيا لأشخاص قد أكلهم الدهر (العصر الجديدǃ) وشرب ذكاءهم، وإنما يعبّر (هذا الموقف) عن شغف تاريخي يحوي كل الإجابات وكل السلبيات في تاريخ الثورة وفي تاريخ الاستقلال.وبذلك، فإما أن الأمر يتعلق بأفكار طوباوية، لا معنى لها ولا أساس، أو بهدف وبغاية يقترحها واقترحها “الناس” (الغاشي) على أنفسهم كموضوع نهائي لأعمالهم وأحلامهم، وهو الشيء الذي تنتقده النخبة الجزائرية لأنها لم تحقق الممارسة الاجتماعية- التاريخية (La praxis) التي ترفض القصدية للماضي والبكاء على الأطلال والعودة إلى ديارنا في الأندلس وإلى أصولنا “الموريسكية” كما صرح به أحد الكتّاب الجزائريينǃ وكذلك: تقزيم اللغة العربية التي قيل عنها إنها لا تؤدي الشبقية كما ينبغي، هذه اللغة التي أدهشت العالم بجرأتها من خلال الخنساء وبشار بن برد وأبو نواس والشيخ الصيوطي (كتاب الأيك في علم النيك) والشيخ النفزاوي (الروض العاطر) وخاصة من خلال “ألف ليلة وليلة” الرواية العبقرية التي قال أكبر الكتاب الغربيين (ڤوط وبروستة) إنها أول رواية عرفها العالم،  وكذلك مقامات الهمداني والحريري. وكل هذا التاريخ الجزائري لم يفتأ يتعلق بغاية غير واضحة تختفي حول كل أعمال الحكام وأصحاب الأموال والمثقفين دون أن يستطيعوا إلحاقها بفاعلية خارقة لأمور الناس العاديين، لأن التصور اللاعقلاني واللاحضاري (أي اللاهوتي) لعب كذلك دورا سلبيا عند الساسة وعند الفقراء (الغلابة) كذلكǃ لذا: 2014ǃ(يتبع)

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات