+ -

 لم تتحوّل زيارة كاتب الدولة الأمريكي للخارجية، جون كيري، فحسب إلى مادة جوهرية في خطاب الحملة الانتخابية لمساندي الرئيس المترشح، عبد العزيز بوتفليقة، بل كحجة أيضا لضرب الخصوم ورافضي العهدة الرابعة، بعدما حوّل مدير حملة الرئيس، عبد المالك سلال، زيارة كيري إلى دليل على مكانة الجزائر، بقوله ”عظماء يزورون الجزائر اليوم بفضل قوة شخصية بوتفليقة”. فماذا كان سيقول سلال لو كان الأمر يتعلق بالرئيس باراك أوباما شخصيا؟إذا كانت زيارتا أمير قطر وكاتب الدولة الأمريكي للخارجية تصنّف من قِبل الوزير الأول السابق في خانة ”عظماء يزورون الجزائر”، فإن ما يتحدث عنه الخطاب الرسمي ويروّج له، منذ سنوات، من استرجاع الرئيس بوتفليقة لمكانة الجزائر في الساحة الدولية، تطرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة هذه ”المكانة” التي تتواجد فيها الجزائر ضمن مدار كواكب الدول الكبار على الخريطة الدولية. وضمن هذا السياق، كان يمكن فهم ”الهالة” التي أعطيت لزيارة كاتب الدولة الأمريكي بمعية أمير قطر، من قِبل مساندي العهدة الرابعة، ولكن من زاوية واحدة، وهي افتقار الجزائر لزيارات ”ثقيلة” خلال السنتين الماضيتين، حيث لم يأت إلى الجزائر أي رئيس دولة من ”العظماء”، بسبب الركود القائم في البلد جراء مرض الرئيس بوتفليقة وخضوعه لفترة علاج طويلة، أما إذا كانت الجزائر بكل ما تمثله من رصيد تاريخي وسياسي قادرة فقط على إقناع جون كيري وأمير قطر الجديد بزيارة الجزائر، وليس باستطاعتها استقدام الرئيس باراك أوباما الذي يشارف على إنهاء عهدتين في البيت الأبيض دون أن يزور الجزائر، أو يوجه دعوة ليتنقل إليه بوتفليقة إلى واشنطن، ولا إحضار أنجيلا ماركل أو بوتين أو الرئيس الصيني، فهو ما يعني أن ليس ”عظماء يزورون الجزائر”، مثلما يسوّق لذلك عبد المالك سلال، بل هو دليل أن الجزائر هي التي صغرت ولم تعد تُرى بالمكروسكوب، رغم أنها أكبر دولة مساحة في إفريقيا. ويكون هذا الأمر وراء ما ذهب إليه تصريح كاتب الدولة الأمريكي جون كيري أول أمس، بالجزائر العاصمة، في أن العلاقات الجزائرية الأمريكية تشهد تطورا في شتى المجالات، على غرار المجال الأمني والثقافي والتجاري”، قبل أن يضيف قائلا: ”أنا سعيد جدا بتواجدي في الجزائر، وقد تم لسوء الحظ تأجيل زيارتي في العديد من المرات، بالنظر إلى ظروف دولية صعبة، ولكن الرئيس ووزير الشؤون الخارجية أحاطاني ببالغ الحفاوة والكرم”. وفي ذلك رسالة بأن الجزائر لا تعد محطة ذات أولوية في السياسة الأمريكية الخارجية، لاقتصار التقاطعات فيها على الملف الأمني فقط، بعدما تزحزح ملف الطاقة من المعادلة، بسبب تمكن الولايات المتحدة من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الصخري.وبوصف عمارة بن يونس زيارة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، إلى الجزائر بأنها تعتبر ”مفخرة للجزائر”، فهو حديث لا يفهم منه سوى أن الجزائر هي التي تلهث وراء واشنطن لكسب دعمها، خصوصا في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها حملة العهدة الرابعة، وليس مكانة الجزائر القوية التي كانت وراء قدوم كاتب الدولة الأمريكي لزيارتها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: