“وزارة العدل الفرنسية مقصّرة في توظيف المرشدين المسلمين داخل سجونها”

38serv

+ -

 كشف مدير معهد الغزالي بمسجد باريس الكبير، الدكتور جلول صديقي، لـ«الخبر”، عن وجود تجميد وتقصير من قبل وزارة العدل الفرنسية فيما يتعلق بمسألة توظيف المرشدين المسلمين داخل السجون الفرنسية، حيث تشهد هذه الأخيرة هيمنة كبيرة بنسبة 80 في المائة من قِبل نظرائهم الكاثولكيين، يقابلها تواجد ما عدده 50 مرشدا مسلما على مستوى 191 مؤسسة عقابية موزعة عبر كافة التراب الفرنسي، تضم 67 ألف محبوس، يشكل منهم النزلاء المسلمون 60 في المائة، يستحيل من خلالها توفير تغطية كاملة فيما يخص المرشدين. وقال المتحدث ذاته إن معهد الغزالي راسل مرارا وتكرارا الهيئات الوصية في فرنسا من أجل رفع عدد المرشدين داخل السجون، مع تخويل له الحق بالاهتمام بهذه المسألة بالتكثيف من النشاطات وعقد الندوات والتكوين داخل المؤسسات العقابية، لكن هذه المراسلات ضربت عرض الحائط ولم تجد آذانا صاغية، بالرغم من محاولة المعهد تقديم المساعدة فقط، خاصة إذا ما علمنا أن راتب المرشد المسلم الشهري لا يتجاوز 720 أورو، وهو ما يعد بمثابة الأجر الرمزي بفرنسا، الأمر الذي لم يعترض عليه معهد الغزالي أمام إقبال العديد من الطلبة الذين يرغبون في أن يصبحوا مرشدين متطوعين من أجل تقديم خدمة للمجتمع، من بينهم أساتذة وأطباء.وأشار الدكتور جلول صديقي إلى أنه بعد إحساس الإدارة بالخطر تم الاتصال بمعهد الغزالي منذ سبعة 7 أشهر من قبل محافظ المقاطعة، وطلب منه فتح سبعة فروع على مستوى مختلف الأقاليم الكبرى الموزعة على التراب الفرنسي، كبلدة ليل في الشمال، وستراسبوغ في الشرق، وكلارمونفيران بالوسط، وبوردو ولاباكا ومارسيليا في الجنوب، مع الاقتراح بتقليص برنامج ومدة التكوين بالنسبة للمرشدين من سنتين إلى سنة، وهو ما يعمل على تطبيقه معهد الغزالي، الذي فتح أبوابه أمام الطلبة الراغبين في التكوين على مدار ثلاثة وأربعة أيام في الأسبوع، حتى يتسنى للقادمين من بعيد الالتحاق بالدروس ومراجعتها خلال نهاية الأسبوع، حيث يتم التركيز على تدريس المواد المتعلقة بالجانب القضائي والفلسفي وعلم النفس والسيرة النبوية، إلى جانب التعرف على الهيكلة السياسة الفرنسية وتاريخ فرنسا وتاريخ المسلمين في فرنسا، يليه ملخص عن الفقه الإسلامي. فيما يحرص المعهد على أن يكون المرشد على دراية تامة بعلوم القرآن وتجويده وكذا مختلف التيارات الفكرية في الإسلام المتطرفة، بما فيها الحروب الطائفية.أما عن دور المرشدين داخل السجون، فقد أوضح المسؤول ذاته بأنه يكمن في تقديم خطابات عن الإسلام المعتدل الوسطي للسجناء إلى جانب التوعية الشاملة والإرشاد إلى السير في الطريق الصحيح والابتعاد عن كل تطرف ديني. لتبقى مشكلة النوع الثاني من المرشدين المتعلقة بالمستشفيات قائمة، كون صلاحياتها تعود إلى مديري هذه المؤسسات، الذين يرفضون غالبا العمل مع المرشدين المسلمين، بالرغم من كونها ضرورية جدا بالنسبة للمرضى الذين يصارعون الموت داخل المستشفيات الفرنسية، وهم في حاجة ماسة إلى التخفيف عنهم وتهدئة نفوسهم مع مساعدتهم على التشهد، خاصة أن المهتمين من المرشدين بهذا القطاع على دراية تامة بقانون الأسرة وعلم الاجتماع وعلم النفس.كما أعلن صديقي جلول عن استعداد معهد الغزالي لوضع تحت تصرف إدارة السجون ما عدده 120 مرشد، وذلك بتوفير تغطية كاملة على مستوى كل المؤسسات العقابية المنتشرة عبر التراب الفرنسي، من أجل تدارك التقصير والتجميد الإداري المهيمن على الساحة منذ عدة سنوات، مذكرا في السياق نفسه بالاتفاقية المبرمة مؤخرا من قبل معهد الغزالي والسلطات الفرنسية عقب الزيارة الأخيرة للوزير الأول عبد المالك سلال إلى مسجد باريس الكبير، والتي تقضي بتكفل الجزائر بكافة المصاريف الخاصة بتكوين الأئمة القادمين من الجزائر إلى فرنسا، بتقديم الدروس لهم باللغة الفرنسية وتحصلهم على شهادات ليسانس معترف بها من قبل الدولة الفرنسية.للعلم، فإن نشأة معهد الغزالي التابع لمسجد باريس الكبير تعود إلى سنة 1993 ليتم الاعتراف به رسميا سنة 1995 من قبل الأكاديمية الفرنسية تحت رقم 591، حيث تعتمد قاعدته الأساسية على تدريس الفقه المالكي بنسبة 90 في المائة، إلى جانب التركيز على القاعدة الأشعرية مع تحفيظ القرآن باستعمال روايتي “ورش” و«حفص”، واهتم من خلاله الدكتور صديقي جلول، الذي استلم مهامه على رأس المعهد سنة 2007، بتأسيس لجنة علمية بيداغوجية سطر من خلالها برنامج معهد الغزالي المتكون من 57 مادة شرعية، ثقافية ولغوية وفلسفية. ويحتوي المعهد على خمسة أقسام، يهتم القسم الأول بتكوين المرشدين في التخصصات الثلاثة المطلوبة في فرنسا والمتعلقة بالسجون والمستشفيات ووزارة الدفاع، حيث يتطلب تكوينهم مدة 800 ساعة على مدار سنتين، يقابلها 3200 ساعة لتكوين الأئمة على مدى 4 سنوات، منها سنة تربص لنيل شهادة ليسانس، يدفعون خلالها مستحقات الرسوم فقط المقدرة بحوالي 180 أورو، في حين يترتب على عاتق الدولة الجزائرية ما قيمته 7500 أورو، ويسهر على تدريسهم أكبر الأساتذة الفرنسيين والجزائريين، تدفع لهم الجزائر رواتبهم، ناهيك عن الأقسام الأخرى الخاصة بالحضارة الإسلامية والعقيدة، والتي هي مفتوحة أمام الجميع، بالإضافة إلى قسم اللغة العربية لغير الناطقين بها، دون أن ننسى قسم معتنقي الإسلام.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: