قال اللّه سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} القدر:1-5.فقوله تعالى {لَيْلَةِ} قال ليلة ولم يقل نهار، لأنّ اللّيل هو زمن الصّالحين القائمين الرّاكعين السّاجدين، لأنّ اللّيل زمن السّكينة والهدوء والصّفاء والنّقاء. وقوله {الْقَدْرِ} كلمة القدر لها ثلاثة معان: ليلة الشّرف والمكانة، ليلة التضييق لأنّ الأرض تضيق بالملائكة لكثرة نزولهم في هذه اللّيلة، وليلة التّقدير، فهي اللّيلة الّتي تحدَّد فيها المقادير ومصائر النّاس.قوله {وَمَا أَدْرَاكَ} أسلوب استفهام يدلّ على التّفخيم والتّعظيم لليلة القدر. فإنّك إذا ما سمعتَ القرآن يقول: وما أدراك؟ فاعلم أنّ القضية عظيمة والخطب جلل والهول مروع.وقوله {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي: خير من العمر كلِّه، روى الإمام مالك: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أُرِيَ أعمار الأمم قبله، فكأنّه تقاصر أعمار أمّته ألّا يبلغوا من العمر مثل ما بلغ مَن قبلهم من العمل لطول أعمارهم، فأنزل اللّه عليه ليلة القدر لتكون بدلاً عن ألف شهر، تقاصر النّبيّ أعمار أمّته؛ لأنّ غالب أعمار أمّته ما بين الستين والسبعين، أمّا الأمم قبله فكانوا يعمرون مئات من السنين.وقوله {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} أي تنزل الملائكة إلى سماء الدّنيا ومعهم جبريل عليهم السّلام. وقوله {ِإِذْنِ رَبِّهِمْ} يفيد أنّ نزول الملائكة لا يكون باختيارهم، إنّما هو بإذن ربّهم عزّ وجلّ. وقوله {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} أي: أن الملائكة تتنزل بكلِّ أمر قضاهُ اللّه وأراده وحكم به.وقوله {سَلَامٌ هِيَ} أي: لا يستطيع الشّيطان أن يتصرّف فيها بسوء، ولا أن يصيب أحدًا بأذى؛ لأنّها ليلة سالمة من الآفات، وسالمة من البلايا والرّزايا. وقوله {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي: هذه اللّيلة تنتهي بطلوع الفجر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات