هوامش ضيقة متاحة لبوتفليقة في مرحلة ما بعد 17 أفريل

+ -

  كيف سيتعامل الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة في حال فوزه بعهدة رابعة، وهو المرجح، مع حالة النفور الكبيرة التي بيّنتها الحملة الانتخابية تجاه فكرة استمراره في الحكم؟ فما دامت نتيجة سياسات الرئيس المترشح قبل الحملة، باستعمال خزينة الدولة في زيارات سلال للولايات، قد أدت إلى هذه النتيجة، يطرح السؤال عن الأوراق التي سيوظفها بوتفليقة مستقبلا بعد حرق ورقة المال العام.يعتبر أغلب المراقبين مسألة فوز الرئيس المترشح بولاية جديدة في انتخابات الخميس المقبل أمرا بديهيا، يتوافق مع المنطق الذي تحتكم إليه منظومة الحكم في الجزائر، حتى ولو كان ذلك بعيدا عن حقيقة الإرادة الشعبية، مثل أغلب الانتخابات التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال، لذلك توجهت قراءات إلى مرحلة ما بعد الانتخابات متجاوزة رهانات الاقتراع في حدّ ذاته، على أساس الصعوبات التي سيجدها نظام بوتفليقة في المرحلة المقبلة، بناء على التجاوب الشعبي الفاتر مع حملته.ويعلم كثيرون أن الرئيس المترشح كان ميالا، في سنوات حكمه الـ15، إلى اعتماد الخزينة العمومية وسيلة أولى لإدارة شأن العامة، دون تقديم حلول جذرية للمشاكل التي واجهتها الجزائر في السنوات الأخيرة؛ وملف غرداية دليل على ذلك بما أن الحكومة تعاطت تكرار منطق شراء السلم الاجتماعي الذي أثبت عدم نجاعته، بدليل توالي الاحتجاجات في البلاد منذ نحو ست سنوات تقريبا ودون انقطاع.وكشفت الحملة الانتخابية التي تولاها وكلاء الرئيس المترشح، عبد العزيز بوتفليقة، عن عدم جدوى سياسة اللجوء إلى الخزينة العمومية في إسكات غضب الجزائريين، فحالات الغضب الموجهة لرموز حكم بوتفليقة تشير إلى أن مشكلة الجزائريين ليست فقط سكنا وشغلا، كما يرافع أنصار الرئيس، وإنما مشكلتهم في البحث عن الكرامة والمواطنة في وضع يفترض أن تتوفر فيه شروط العيش الكريم، بما أن ملف الأمن بات من الماضي ومداخيل الدولة المالية مازالت في ذروتها.وإن كانت زيارات عبد المالك سلال إلى 48 ولاية قبل انطلاق الحملة الانتخابية، وتوزيعه لأموال إضافية من دون أي رقابة مؤسساتية، قد أدت إلى هذه النتيجة التي نراها في حملة الرئيس الانتخابية، فإن السؤال الذي يواجهه الجزائريون اليوم هو: ما هي أدوات حكم عبد العزيز بوتفليقة في السنوات الخمس المقبلة إذا فاز؟ فالمال العام بات ورقة محروقة، وملف الأمن والمصالحة لم يعد مثيرا للقلق كما السابق، وتحوّلت المطالب، فيما هو واضح، إلى رغبة في العيش الكريم بما يتوافق ومقدرات الدولة، ووقف مسار اللامساواة الطبقية، ومحاربة الفساد محاربة حقيقية لا تكتفي بالواجهة التي تعتمد عشرات الهيئات من دون نتيجة.وعلى هذا الأساس تعطي التجمعات الشعبية لوكلاء الرئيس إشارات واضحة بأن فوز بوتفليقة بولاية جديدة لا يخدم، أبدا، فكرة الاستقرار التي يرافع عنها أنصاره، وإنما مشروع اللااستقرار الاجتماعي في غياب الأوراق الكفيلة بالتجاوب معها، وغياب منهج التوافق الذي يكفل مشاركة أوسع في الحكم. والتجربة كشفت أن بوتفليقة بدأ حكم البلاد بحكومة موسعة وتعيينات تحترم ما يسميه هو نفسه التوازنات الوطنية، ومع مرور الوقت خرج الإسلاميون من الحكم، بعد مغادرة العلمانيين وضيق الدائرة تدريجيا إلى مسائل جهوية، كلها أثّرت على مجرى الحملة الانتخابية الحالية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات