حنون اقتربت كثيرا من السلطة فاحترقت بنارها

+ -

 يقال إن السلطة مثل النار، من يبتعد عنها كثيرا ”يبرد” ومن يقترب منها أكثر ”يحترق”، وهو حال زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي أرادت بمناسبة رئاسيات 17 أفريل الابتعاد قدر المستطاع عن خطاب المعارضة والاقتراب من لغة أحزاب الموالاة، فاحترقت بنار السلطة، لأن هذه الأخيرة تحتاج حزب العمال في خندق المعارضة للدفاع عنها، وليس الالتحاق بأحزاب السلطة التي على كثرتها لا تؤدي الغرض المطلوب في ديمقراطية الواجهة.تعرضت زعيمة حزب العمال، بمناسبة الرئاسيات التي ترشحت لها للمرة الثالثة، إلى عقاب مزدوج، جسدتها النتائج الهزيلة التي منحت لمرشحته لويزة حنون، حتى وإن اعتبرت هذه الأخيرة ما حققته بـ«انتصار”. والعقاب الأول كان من جهة السلطة التي أشرفت على تسيير الانتخابات، بحيث صنفتها في المرتبة الرابعة وراء أصغر مرشح يشارك في الرئاسيات لأول مرة (بلعيد عبد العزيز) ولا يملك آلة انتخابية بنفس الخبرة والتجربة الميدانية التي يتوفر عليها حزب العمال الذي حصل في التشريعيات الماضية بالعاصمة لوحدها فقط على (59 ألف صوت) وهي تقريبا نفس الأصوات المحصل عليها على المستوى الوطني في الرئاسيات (140 ألف فقط)، وهو أمر يطرح أكثر من علامة استفهام لماذا غيّب حزب العمال هذه المرة في توزيع ”كوطات” الاقتراع، مثلما كان يفعل في توزيع مقاعد البرلمان منذ 97، وشهادات والي وهران الأسبق بشير فريك تسند ذلك؟  من هذا المنطلق لا يمكن فهم تراجع نتائج حزب العمال في الرئاسيات، سوى في أنه تعرض لعقاب السلطة، لكون مرشحته اقتربت كثيرا من خطاب الموالاة وتخلت عن خطابها التقليدي، وهو أمر لم تحبذه السلطة لسبب بسيط أن لديها أحزابا كثيرة قديمة وجديدة ولدت بالفترة موالية لها، وهي بحاجة لأحزاب معارضة تدافع عنها وسط أحزاب المعارضة، وهو ما لم يلتزم به حزب العمال في طبعته الجديدة، ما جعل لويزة حنون تقترب كثيرا من السلطة فاحترقت بنارها، لأن السلطة مثل النار، من يقترب منها كثيرا يحترق ومن يبتعد عنها بعيدا يبرد. أما العقاب الثاني الذي لحق بحزب العمال في هذه الرئاسيات، فيخص مرشحته لويزة حنون التي رغم أنها المرأة الوحيدة المرشحة للرئاسيات من بين 6 مرشحين، غير أن هذا العامل لم يصب في صالحها ولم يخدم حساباتها من أصوات العنصر النسوي الذي كان حضوره قويا في مكاتب الاقتراع مقارنة بالرجال، غير أنه مال لصالح كفة الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما يطرح علامة استفهام حول سر عدم تصويت النساء على المرأة المرشحة الوحيدة في الرئاسيات التي تحصلت على 140 ألف صوت، رغم أن الهيئة الناخبة (22 مليون ناخب) نصفها نساء، وهي الفئة التي برزت بتسجيل حضورها في الاقتراع.قد تكون حنون قد عوقبت لموقفها من قانون الأسرة، وقد تكون بسبب تراجع دعم الذين وصفوها ذات يوم بأن ”عيشة خير من عياش”، خصوصا وأن الوعاء الانتخابي لحزب العمال من الفئات الشعبية وليس من النخبة، لكن في كل الأحوال لم يجد الناخبون الأوفياء، أي طعم أو لون من الألوان التي كانت تميز هوية حزب العمال ما جعله يضيّع بوصلة الرئاسيات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: