سيضطر البرلمان بغرفتيه إلى الدخول في حالة ترقب وانتظار، بعد افتتاح دورته الربيعية الحالية بجدول أعمال أبيض، إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة المنبثقة عن رئاسيات 17 أفريل والتصديق على برنامجها من قبل مجلس الوزراء، وهي وضعية بقدر ما تتعب الذين صدقوا الوعود وينتظرون تجسيدها، بقدر ما تدخل الشركاء في حرب مواقع جديدة حول كيفية اقتسام المغانم.سبق عمار سعداني بقية شركائه المتحالفين حول العهدة الرابعة، للتأكيد بأن حزبه الأفالان أحق بالحكومة المقبلة، في مطالبة صريحة بمنصب الوزارة الأولى، وبرر مطلبه بأن “الأفالان لعب دورا مهما في فوز الرئيس”، أي أن حزبه كان القاطرة، بينما الأرندي وحزب تاج والحركة الشعبية مجرد عربات، ما يؤشر أن مرحلة “اقتسام الكعكة” داخل معسكر الموالاة سيفرز سقوط ضحايا وخيبات أمل كبيرة. وإذا علمنا أن وكلاء الرئيس الذين نشطوا بدله الحملة الانتخابية يتجاوزون السبعة، دون نسيان ممثلي التنظيمات الجماهيرية والمنظمات الوطنية، فإن ميلاد الحكومة الجديدة المقبلة سيكون أكثر قيصرية من كل الحكومات السابقة التي شكلها الرئيس بوتفليقة منذ 99، والتي كانت تستغرق وقتا طويلا للإعلان عنها، بسبب صعوبة تحقيق التوازنات وإرضاء الموالاة ودوائر صنع القرار.وسترمي نتائج الرئاسيات التي شهدت تراجع نسبة المشاركة إلى حدود 51 بالمائة، وتقلص شعبية الرئيس الذي فقد أكثر من 5 ملايين صوت مقارنة بالعهدات السابقة، وكذا الوضع الصحي لصاحب العهدة الرابعة، بظلالها على كيفية صنع الجهاز التنفيذي المدعو بالدرجة الأولى لامتصاص الاحتقان السياسي الذي أفرزته الرئاسيات. السلطة مطالبة بتوسيع قاعدة الحكم لأن من يمثلونها ويساندونها لم يكن في أحسن الأحوال بمقدورهم جميعا، سوى تجنيد 40 بالمائة من نسبة المشاركة من مجموع الـ 51 بالمائة، على اعتبار مشاركة 5 مرشحين آخرين، وهو ما يمثل عجزا كبيرا في شعبية السلطة، يقتضي عليها تداركه من خلال استقطاب شركاء آخرين سواء من المعارضة أو من الذين رافقوها كمترشحين في هذه الانتخابات، وهو أمر ليس من السهل تحقيقه بالنظر إلى سقف المطالب الذي قدمه الموالون وفي مقدمتهم أمين عام الأفالان الذي يريد أكبر “كوطة” لحزبه، لحسابات يكون قد وعد بها من يدعمونه على رأس الأمانة العامة للحزب. في مقابل ذلك أظهرت الرئاسيات توسع دائرة المعارضين لتوجهات السلطة، وهي أحزاب وشخصيات فاعلة، ويرتقب أن يلتحق بهم المترددون والخائبون، ما قد ينجب جبهة معارضة قوية لن يكون بمقدور السلطة عدم أخذها بعين الاعتبار في حساباتها، خصوصا وأن الملفات السياسية الكبرى، على غرار تعديل الدستور والحزمة الثانية من الإصلاحات، مهددة بنكسة أخرى إذا لم تجد “التوافق” حولها، ما يعني أن الطريق أمام السلطة ليس معبدا بالورود، مثلما يعتقد المبتهجون بالنتائج والأرقام الرسمية للاقتراع، بل ستجد الحكومة الجديدة، التي سيتم تشكيلها لاحقا، نفسها في مواجهة غضب الشارع بمجرد الإعلان عنها، ولن تستفيد من المائة يوم مما يسمى “فترة السماح أو الإعفاء”، ليس فقط جراء سقف الوعود التي قدمتها في الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة، ولكن أيضا قياسا لحجم الغضب الجاثم في الشارع.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات