بوتفليقة بدأ بتوسيع قاعدة حكمه وانتهى بتضييق دائرتها في الرابعة

+ -

 وإن لم تخلُ كل مواعيد أداء الرئيس بوتفليقة لليمين الدستورية، من المقاطعة لأحزاب سياسية معارضة أو شخصيات وطنية فاعلة، فإن اليمين الدستورية للرئيس في عهدته الرابعة تعد الأكثر مقاطعة مقارنة بسابقاتها، وهو ما يجعل قاعدة الحكم التي يستند إليها رئيس الجمهورية هشة، خصوصا إزاء الملفات مع الخارج.بعد إعلان مرشحين للرئاسيات عدم اعترافهم بالنتائج وبالشرعية المتولدة عنها، على غرار موقف بن فليس وتواتي وفوزي رباعين الذين وصفوا الانتخابات بـ«المزورة” وسجلوا غيابهم، أمس، في قصر الأمم، فيما حضرت لويزة حنون وبلعيد عبد العزيز، قررت عدة أحزاب معارضة، على غرار حمس والأفافاس والأرسيدي والنهضة والإصلاح وجبهة العدالة والتنمية، زيادة عن رؤساء حكومات سابقين، عدم تلبية دعوة الرئاسة لحضور مراسم أداء الرئيس بوتفليقة لليمين الدستورية لتدشين عهدته الرابعة، وهو موقف سياسي، قد يرى فيه البعض بأنه لا يغير من الأمر شيئا، فالرئيس ربح الرئاسة وانتهى الأمر، لكنه بالنسبة لشركاء الجزائر في الخارج معطى له أكثر من دلالة، ومن ذلك أن الرئيس يعد أضعف شعبيا وسياسيا مما كان عليه قبل هذه الرئاسيات. وستكون صور الحضور في قصر الأمم بنادي الصنوبر، أمس، بمناسبة أداء الرئيس بوتفليقة اليمين الدستورية، محل اهتمام ودراسة دقيقة من قبل الممثليات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدة في الجزائر، خصوصا العواصم الكبرى على غرار باريس وواشنطن، لقياس درجة ثقل منظومة الحكم القائمة في البلد والقواعد الشعبية التي يستند إليها، خصوصا بعدما لم تحقق نتائج الاقتراع سوى نسبة 50 بالمائة في المشاركة، وفي ظل إعلان المعارضة عدم حضور هذه المحطة الدستورية.فالرئيس الذي نجح في بداية حكمه في توسيع قاعدة الحكم بإشراك وجمع كل التيارات السياسية المتواجدة في الساحة من وطنيين وإسلاميين وعلمانيين وديمقراطيين، وهو ما أكسبه ذلك الثقل الذي كان يستقبل به في الخارج ويسهل عليه المفاوضات مع الشركاء في الخارج، عاد إلى نقطة الصفر من خلال تقلص دائرة مسانديه إلى الحد الأدنى (التيار الوطني)، بعدما رسمت العديد من الأحزاب الفاعلة جدارا بينها وبين السلطة القائمة ولم يعد يجمعها حتى أداء اليمين الدستورية، الذي يعد مؤشرا في الداخل وخصوصا في الخارج لمدى الثقل السياسي والشعبي الذي يمثله الرئيس المنتخب.ومن هذا المنطلق فإن مصداقية الانتخابات وشرعية الرئيس الفائز بها، صحيح أنها تكمن في عدد الأصوات المحصل عليها، ولكنها أيضا بمدى الرضا والقبول والترحاب بـ«الهزيمة” المسجل وسط معارضيه، وهو ما افتقده الرئيس بوتفليقة المنهك صحيا والمتراجع شعبيا، ما يشكل علامة ضغط سترافق الرئيس في ولايته الرابعة. وعندما تدعو رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، الرئيس بوتفليقة إلى “التفتح على المعارضة”، فذلك لأن تحسين منظومة الحكم يحتاج إلى وجود سلطة مضادة (أي معارضة قوية)، وهو ما لا تريد السلطة، منذ صعود بوتفليقة إلى سدة الحكم في 99، الوصول إليه، من خلال تكريس كل السلطات في يد الرئيس وإفراغ باقي المؤسسات المنتخبة من السلطات المضادة. لقد تمكن الرئيس من مخاطبة الأمة في قصر الأمم لمدة دقيقتين، بعد سنتين من الصوم عن أي خطاب (سطيف 2012)، وهو مؤشر غير مطمئن في أول يوم من بداية العهدة الرابعة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات