38serv
قال اللّه جلّ ذِكرُه: {واعْتَصِموا بحَبْل اللّه جميعًا ولا تفرّقُوا واذْكُروا نِعْمَة اللّه عـليكُم إذْ كنْتُم أعْداءً فألَّفَ بينَ قلوبِكُم فأصْبَحْتُـم بنِعْمَتِه إخْوَانًا وكنْتُم على شَفَــا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأنْقَذَكُم منها كذلك يُبيِّن اللّه لكُم آياتِه لعلّكم تهتدون} آل عمران:103.هذه الأخوة المعتصمة بحبل اللّه نعمة يمتَنّ اللّه بها على الجماعة المسلمة الأولى. وهي نعمة يهبها اللّه لمَن يُحبّهم من عباده دائمًا. وهو هنا يذكّرهم هذه النّعمة، يذكّرهم كيف كانوا في الجاهلية «أعداء» وما كان أعدى من الأوس والخزرج في المدينة أحد. وهما الحيان العربيان في يثرب، يجاورهما اليهود الّذين كانوا يوقدون حول هذه العداوة وينفخون في نارها حتّى تأكل روابط الحيين جميعًا.ومن ثمّ تجد يهود مجالها الصّالح الّذي لا تعمل إلّا فيه ولا تعيش إلّا معه.. مجال تفرقة أمّتنا إلى دويلات وأحزاب باسم الحرية والديمقراطية، مجال يفتح للفن واللعب أبوابه على مصراعيه ويغلق كلّ نافذة في وجه مَن يريد أن يتعلّم أو أن يبحث في العلوم.. مجال يجعل اللاعب يكرّم والبــــاحث يُهان.. وما كان إلّا الإسلام وحده يجمع القلوب المتنافرة.. وقد جمعها بالفعل على محبّة اللّه ورسوله.ونحن إذا رجعنا إليه مخلصين أنقذنا من هذه الهوّة الّتي نتخبّط فيها منذ قرون حيارى تائهين كما أنقذ أممًا من قبلنا، وألّف بين قلوبنا كما ألّف بين قلوب أسلافنا الأطهار لأنّه حبل اللّه الّذي يعتصم به الجميع فيصبحون بنعمته إخوانًا.وكانت لهذه الأخوة في اللّه حكم الإخاء في الدم والنسب من حيث التّوارث والتّعاطف إلى أنّ نزل قوله تعالى في آخر سورة الأنفال: «وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيء عليم».ولاشكّ أنّ هذه المؤاخاة قد قامَت بدور كبير في تماسك المجتمع الإسلامي في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل الدعوة الإسلامية، وجعلته قادرًا على مواجهة التّحديات الّتي كانت تنتظره والأخطار الّتي كانت تتربص به من مشركي مكة ومن المنافقين ومن اليهود.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات