متحف مفتوح على الطبيعة في طريق الاندثار 

+ -

 تعدّ بلدية القلعة في ولاية غليزان أو ما يسميه المؤرخون ”قلعة بني راشد” من المعالم الأثرية والثقافية بامتياز، بدليل حج السياح خاصة الأوروبيين إلى هذه المنطقة قبيل العشرية السوداء، فهي بعبارة بسيطة متحف مفتوح على الطبيعة، اتخذ من سفح جبال ”بني شقران” التي تتوسط ولايتي معسكر وغليزان مكانا متميزا رونقا وجمالا، خاصة في فصل الشتاء، حين تكسو الثلوج المتساقطة أعالي هذه الجهة التي يزيد ارتفاعها على 800 متر عن سطح الأرض، ما يجعلها تلبس لباسها الشتوي الناصع البياض. لكن وبمرور الحقب، أصبحت منطقة القلعة بقراها  ومداشرها، تخشى التقلبات الجوية التي أثرت بمرور الأزمنة على الكثير من منازلها الطوبية التي كانت مقصد السياح، كما أثرت على الكثير من الآثار والمكنونات لهشاشة أسقفها الخشبية التي تعود إلى حقب سالفة. فالكثير من مساكن هذه البلدية أصبحت تهوي أرضا بمرور الوقت، وقد أحصِي انهيار عشرات المنازل خلال السنوات الأخيرة، كما فقدت قرية ”الدبة” الأثرية جامعها العتيق وأتت الطبيعة الشتوية حتى على الطرقات المؤدية إلى القرى. لقد فعلت الطبيعة وخلفت ما لم تخلفه الحروب التي مرّت من هنا، آخرها حرب التحرير الوطني التي لعبت خلالها الجهة دورا أساسيا وبارزا باحتضانها عدة معارك دامية وطاحنة ألحقت الكثير بصفوف الجيش الفرنسي الذي لم يقو على الصمود، نظرا لما تعرفه المنطقة من تضاريس وعرة، تغيب فيها الطرقات لاستعمال السيارات، فهي لا تعدو أن تكون أزقة ضيقة، ما جعل المستعمر يستنجد بالطائرات لقصف المواقع. وتبقى المحتشدات وأبراج المراقبة شاهدة لحد الآن على هذه التضاريس التي اتخذ منها مسؤولو الثورة التحريرية مكانا لعبور الأسلحة القادمة من الحدود الغربية باتجاه وسط البلاد عبر جبال الونشريس.  هشاشة السكنات دفعت إلى ترحيل السكان إلى بنايات جديدة، لكن ما كان يأمله سكان المنطقة هو إعانات ومساعدات من أجل الترميم، حتى تتم المحافظة على الطبيعة العمرانية للمنطقة وأهلها، التي هي في طريقها إلى التصنيف الذي يبقى الحل الأوحد، من أجل ترسيم بقاء هذا الإرث التاريخي والثقافي، ليس لأهل المنطقة فحسب، لكن لولاية غليزان والوطن بأكمله، فالكل يستعجل الأمر قبل فوات الأوان وتأتي الطبيعة على ما تبقى من إرث تصنع منه الأجيال المقبلة تاريخها.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: