إنّ معرفة المؤمن بأنّ غاية الوجود الإنساني هي العبادة وأنّه مخلوق لله، قال جلّ وعزّ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} الذاريات:56-58.وفي الحديث القدسي الّذي أخرجه الإمام ابن كثير رحمه الله يقول تعالى: “يا ابن آدم تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدّ فقرك، وإلّا تفعل ملأتُ صدرك شغلًا ولم أسدّ فقرك”، وفي رواية أخرى يقول سبحانه: “ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب، فاطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدتَ كلّ شيء، وإن فتك فاتك كلّ شيء وأنا أحبّ إليك من كلّ شيء”. فهذه المعرفة من شأنها ولا ريب أن ترفع المكلّف إلى هذا الأفق الوضيء، ترفع شعوره وضميره، وترفع نشاطه وعمله، وتنظّف وسائله وأدواته. فهو يريد العبادة بنشاطه وعمله، وهو يريد العبادة بكسبه وإنفاقه حيث لا يعيش إلّا من حلال ولا ينفق إلّا من طيب، وهو يريد العبادة بالخلافة في الأرض وتحقيق منهج الله فيها..فأولى بهذا الإنسان الّذي يخدمه الكون كلّه أن لا يغدر ولا يفجر، وأولى به ألّا يغشّ ولا يخدع، وأولى به ألّا يطغى ولا يتجبّر، وأولى به ألّا يستخدم أداة مدنّسة ولا وسيلة خسيسة، وأولى به كذلك ألّا يستعجل المراحل، وألّا يعتسف الطّريق، وألّا يركب الصّعب من الأمور، فهو بالغ هدفه من العبادة بالنّية الخالصة والعمل في حدود الطّاقة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات