+ -

 الغيبة مُحرّمة شرعًا، قال تعالى: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}،وقال سبحانه: {مَا يَلْفظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله أيُّ المسلمين أفضل؟ قال: “مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده” متّفق عليه.لكن تباح الغيبة لغرضٍ شرعيٍّ صحيح لا يُمكن الوصول إليه إلاّ بها، وهو ستة أسباب: الأوّل، التّظلُّم، فيجوز للمظلوم أن يحكي للقاضي أو مَن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه ويردّ مظلمته. الثاني، الاستعانة على تغيير المنكر بمَن يرجو قدرتَه على إزالة المنكر وردّ العاصي إلى الصّواب. الثالث، الاستفتاء فيقول للمفتي ظلمني فلان. الرّابع، التّحذير من شرِّ فلان ونصيحة المسلمين ويدخل في هذا جرح المجروحين من الرّواة والشّهود، ومنها المُشاوَرة في مصاهرة إنسان أو المتاجرة معه ونحو ذلك. الخامس، أن يكون مُجاهرًا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخَمر ونحوه. والسّادس، التّعريف إذا كان الإنسان معروفًا بلقب كالأعمش والأعرج والأحول من باب التّعريف، ويَحرُم إطلاقه على جهة التّنقيص ولو أمكن تعريفُه بغير ذلك كان أولى.وأدلّة ما ذكرنا ما روته عائشة رضي الله عنها أنّ رجلاً استأذن على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: “ائذنوا له، بئس أخو العشيرة” متّفق عليه. احتجّ به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الرّيب.وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: أتيتُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقلتُ: إنّ أبا الجَهم ومعاوية خطباني؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أمّا معاوية فصُعلوك لا مال له، وأمّا أبو الجَهم فلا يضع العصا عن عاتقه” ثمّ قال: “انكِحي أسامة” متّفق عليه.وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ أبا سفيان رجلٌ شَحيح، وليس يُعطيني ما يكفيني وولدي إلاّ ما أخذتُ منه وهو لا يعلم؟ قال: “خذي ما يَكفيك وولدَك بالمعروف” متّفق عليه.فتجوز غيبة مَن يخون وطنَه، تحقيقًا للمصلحة الشّرعية ودفعًا للضّرر الّذي قد ينجمّ عن ذلك من قتل وتشريد وإفساد وسلب للحرّيات وتمكين للعدوّ من أبنائه الّذين هم إخوته وذووه، فضرره واضح والسّكوت عنه ضرر، فقط لا بدّ من التثبُّت حتّى لا يدخل الإنسان في قوله تعالى: {إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..}، إذن لابدّ من التبيُّن، حتّى لا يقول مَن شاء ما يشاء، وتجتمع فيه المبيحات الستة للغيبة. والله أعلم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات