38serv
سارع رئيس الجمهورية، في أولى الإجراءات لعهدته الرابعة، إلى الرمي بـ«عظم” التعديل الدستوري وإنشاء ولايات جديدة، لامتصاص الاحتقان السياسي والاجتماعي في البلاد، من أجل ربح مزيد من الوقت لإعادة تثبيت أركان الحكم في المرحلة المقبلة.يراهن الرئيس بوتفليقة على المشاورات حول مسودة التعديل الدستوري لكسر شوكة جبهة المعارضين لتوجهات السلطة، بعدما نجحت الانتخابات الرئاسية الماضية في التقاء وتوحيد جبهة الرفض والمقاطعة، ليس فقط من خلال تعيين وزير الدولة مدير ديوان الرئيس أحمد أويحيى كقائد للمشاورات مع الأحزاب والمنظمات والجمعيات، ولكن أيضا من خلال الاعتماد على أرضية المشاورات السابقة، سواء التي أعدتها لجنة بن صالح أو التي توصلت إليها لجنة كردون. ولم يكتف الرئيس بذلك، بل ترك المجال مفتوحا حول الطريقة المعتمدة في تمرير التعديل الدستوري، بين الاستفتاء الشعبي أو تمريره على غرفتي البرلمان، مثلما وقع في 2008، وهو ما يعني أن خياطة دستور على المقاس فرضية مطروحة بقوة مقابل تراجع فرضية “الدستور التوافقي”. فلجوء السلطة إلى خيار عقد اللقاءات الثنائية مع الأحزاب ورفضها لأي مسار آخر، كعقد ندوات ونقاشات متعددة الأطراف، تعد آلية بعيدة عن أي معنى لـ«التوافق” وتضمن بقاء السلطة منفردة بتوجيه سفينة التعديل الدستور نحو الاتجاه الذي تريده والشاطئ الذي تختاره لأسمى قانون في البلاد.وضمن هذه الزاوية التي اختارتها السلطة، والتي لا تختلف عمّا فعلته بحزمة قوانين الإصلاحات الأولى التي أعقبت أحداث جانفي 2011، وأفرغت كلها من محتواها، فإن مشروع التعديل الدستوري المقدم كطعم مع بداية العهدة الرابعة ليس سوى محاولة الرمي بـ«عظم” في الساحة السياسية، لـ«تلهية” الطبقة السياسية وإزالة سحابة “التغيير” السياسي التي تدور فوق سماء الجزائر.ولا يختلف مشروع التعديل الدستوري عن مشروع التقسيم الإداري، الذي ظل يزحزح من عهدة انتخابية لأخرى، بعدما تعاملت معه السلطة طيلة الـ15 سنة الماضية ليس كآلية لإصلاح الحكم المحلي وتقريب الإدارة من المواطنين، بقدر ما كان مجرد “طعم” لاحتواء الاحتجاجات وشراء الولاءات، عن طريق اللعب على وتر رغبة المواطنين في ترقية بلدياتهم إلى دوائر وولايات، خصوصا في الولايات التي توجد بها حزازيات وعروشية وسط مواطنيها، والتي استعملتها السلطة منذ الاستقلال في سياق “فرّق تسد”.ورغم أن مطلب إنشاء ولايات جديدة هو إجراء إداري مشروع يحقق رغبة الكثير من المواطنين، لكنه من الناحية الاقتصادية مكلف جدا، ومن شأنه أن يثقل كاهل ميزانية التسيير التي تجاوزت ميزانية التجهيز بأضعاف، خصوصا وأن أغلب البلديات والولايات تعيش على معونات الدولة وميزانيتها في غياب مشروع الجباية المحلية، ما يعني أن عجز ميزانية الدولة سيزداد خطورة، لأن الخبراء يشترطون ضرورة ارتفاع برميل النفط إلى حدود 180 دولار للبرميل حتى تستطيع الجزائر استرجاع توازن الميزانية في حدود 2016، وهو أمر مستبعد، وهذا دون الحديث عن الآثار المالية المترتبة عن إلغاء المادة 87 مكرر على ميزانية التسيير لسنة 2015.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات