تناولت مقترحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بشأن تعديل الدستور الذي وصفه بـ«التوافقي”، توسيع مجال إخطار المجلس الدستوري بالنسبة للجهتين المخولتين أصلا بإخطاره، وهما السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وفي المقابل غيّب صلاحية الإخطار تماما عن السلطة القضائية، وينطوي ذلك على نظرة دونية لجهاز القضاء.جاء في تعديل المادة 166 من الدستور، إضافة الوزير الأول إلى رئيس الجمهورية في صلاحية الإخطار من جهة السلطة التنفيذية، وإضافة 70 نائبا إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، و40 عضوا بمجلس الأمة إلى رئيسه، وذلك في جهة السلطة التشريعية. وقد كان السعيد بوالشعير، المستشار القانوني لدى رئيس الجمهورية حاليا، ورئيس المجلس الدستوري سابقا، أول من خاض في هذا الأمر في كتابه “المجلس الدستوري في الجزائر”، الصادر في 2012.وقال بوالشعير في خاتمة المؤلف إن الطابع القضائي هو الغالب على اختصاصات وآثار عمل المجلس الدستوري، لاسيما في تدخله لتأكيد القوة الإلزامية لآرائه وقراراته. ويدعو فقيه الدستور، على سبيل رفع اللبس، إلى “توضيح هذا الطابع في تعديل الدستور المزمع في 2013 (كان مرتقبا إجراؤه العام الماضي لولا مرض الرئيس)، خاصة إذا اعتمد توسيع مجال الإخطار إلى أعضاء البرلمان والوزير الأول من جهة، وذوي المصلحة من الأفراد عن طريق الدفع أمام المحاكم المختصة التي ترفع الموضوع إلى الجهة القضائية العليا، للتأكد من جدية الدفع من عدمه واحتمال القيام بإخطار المجلس الدستوري حول النص المراد تطبيقه على موضوع الدعوى الأصلية، من جهة ثانية، وبالنتيجة تمكين القضاء كغيره من المؤسسات الممثلة في المجلس من إخطاره”.ويتضح اليوم أن أفكار بوالشعير تم الأخذ بها في مقترحات التعديل، لكن فيما يخص توسيع الإخطار إلى أعضاء البرلمان والوزير الأول فقط دون جهاز القضاء.وللقاضي سابقا المختص في القانون العام، عبد الله هبّول، رأي في استثناء القضاء من مقترحات توسيع مجال الإخطار، فيقول لـ«الخبر”: “المبادرة بإخطار المجلس الدستوري ينبغي أن تأتي، في رأيي، من المتقاضين. قد يحدث أن أي مواطن يقدّر بأن النص الممكن تطبيقه على النزاع المعني به، غير دستوري، فيقول أمام القاضي عن طريق محاميه إن النص يتعارض مع الدستور. والقاضي في هذه الحالة يحاول التأكد من حقيقة ما يدفع به المتقاضي، وإذا تثبت من عدم دستورية النص، تتكفل الجهة القضائية المؤهلة بالأمر، فتحيله إلى المجلس الدستوري ليقول كلمته”.ويرى القاضي السابق أن هذه الطريقة تشكل أداة رقابة فعالة على عمل الحكومة والبرلمان، وتستحدث ثقافة احترام الدستور والدفاع عنه. وأضاف هبّول: “لو تضمنت مقترحات الرئيس توسيع مجال الإخطار إلى جهاز القضاء، سيكون المواطن هو المستفيد. ولكن النظام ينظر إلى المواطن منذ 1962 بأنه منقوص الحقوق، ويحرمه من اختيار الحاكم بحرية فكيف يسمح له بمراقبة دستورية القوانين؟! بعبارة أخرى، لما يتم السماح للمواطن أن يدفع بعدم دستورية نص تشريعي أو تنظيمي، هذا يعني أنه يشارك في الدفاع عن الدستور ضد الانتهاكات التي قد ترتكبها السلطة التشريعية أو التنفيذية”. وتابع خبير القانون: “السلطة التنفيذية تعتبر القضاء تابعا لها مؤسساتيا وخاضعا لها فعليا، وهو جهاز ضعيف وليس محل ثقة، وبالتالي لا يمكن أن تسمح له ليكون سلطة موازية لها، ومن هنا نفهم عدم إدراج القضاء ضمن الجهات التي منحت صلاحية الإخطار في مقترحات تعديل الدستور”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات