منح الصفقات بالتراضي يعيد جدال محاربة الفساد إلى الواجهة

+ -

 أعاد إقرار مجلس الوزراء العمل بصيغة منح الصفقات بالتراضي، الجدل وسط نشطاء مكافحة الفساد حول تساؤلات أجمع على طرحها، “ما هي المشاريع التي تستدعي الاستعجال حتى تمنح صفقاتها بالتراضي، وقد أدخلت هذه القضية على مر السنوات الماضية في صلب جدال مكافحة الفساد، على أنها واحدة من مؤشرات تنامي الظاهرة رغم التدابير “النظرية” التي أقرتها الحكومة في هذا المجال.الظاهر في المرحلة الحالية تراجع أصوات محاربة الفساد مقارنة مع “ضجيج” صنعته في الأشهر الماضية موازاة مع فضيحة “سونطراك2”، على ما تردد إزاء صفقات أبرمت تجاوزا للقانون، ورغم الضجة السياسية والإعلامية التي رافقت الكشف عن الفضيحة التي فجرها القضاء الإيطالي، إلا أن السلطات المعنية، وإن لم تكشف تطورات القضية قضائيا، فإنها أضافت “مادة دسمة” أخرى لمناهضي الفساد لما أقرت في مجلس الوزراء الأربعاء الماضي الاستمرار بمنح الصفقات بالتراضي تماما كما لا يشتهيه محاربو الفساد.ويقول الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بوجمعة غشير “أساس الصفقة أن تكون ثمة مساواة في التعامل مع الجميع دون منح امتياز لشركة معينة على أخرى”، ويرى أن تأكيد مجلس الوزراء على منح الصفقات بالتراضي بخصوص إنجاز المشاريع “انحراف عن القانون”، ولا يرى المتحدث أن هناك ضرورة إطلاقا للجوء إلى الصفقات بالتراضي، خاصة إذا كانت تتعلق بمشاريع ذات مبالغ مالية كبيرة، والمفروض كلما كانت الصفقة كبيرة يفتح المجال للتنافس أكثر بين الشركات، بينما يعتبر غشير أن “اللجوء إلى الصفقات بالتراضي يدل على أن النظام لا يريد مكافحة الفساد ويوفر كل الشروط من أجل ذلك”.وبرأي الحقوقي غشير فإن “الصوت المنادي بمكافحة الفساد خفت بعد الهجوم الذي قام به الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني على جهاز المخابرات وتهديده لوزير العدل السابق محمد شرفي فيما يتعلق بقضية شكيب خليل، وفعلا عزل الوزير بعد هذا التهديد”، ويضيف المتحدث أن “إجراء نزع الضبطية القضائية عن جهاز الاستعلامات الذي كان يمسك بأغلب قضايا الرشوة والفساد وإسنادها للشرطة والدرك له دلالة”.ولا يختلف رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد قيد التأسيس في رأيه عن موقف غشير، إذ يؤكد مصطفى عطوي أن “الصفقات بالتراضي تمنح لما تكون المشاريع ذات طابع استعجالي”، لكنه يتساءل” ما هي المشاريع التي ينطبق عليها هذا الطابع؟”، ليجيب “حسب معطيات لدينا، ليس ثمة مشاريع استعجالية حاليا، لا تظاهرة ولا غير ذلك”، ويضيف “بل أقول إن النظام المبني على الفساد يبقى يشجع على الفساد”.ويعتبر عطوي أن “مجلس الوزراء بإقراره منح الصفقات بالتراضي يكون قد داس على القانون الذي صادق عليه هو بالذات، والكارثة عندنا تكمن في عدم احترام القوانين”، ويضيف المتحدث بخصوص تداعيات ما أقره مجلس الوزراء أن بذلك “أي مسؤول في القاعدة يرى أن الرئيس لا يحترم القوانين يجد ما يشجعه على عدم احترام القانون هو كذلك، ومن هنا تعم الفوضى والفساد”، ولا يرى عطوي أن الأمر يتوقف عند منح الصفقات بالتراضي، ولكنه يرى أن مكافحة الفساد صار شأنا غير مرغوب به، “فالقانون يجبر المسؤولين على الرد على أي مراسلة من أي مواطن، ونحن راسلنا وزير العدل في الكثير من القضايا لكنه لا يرد، ومن بين تلك القضايا ما يتعلق بقضية فساد بشركة التبغ والكبريت بوهران، حيث أبلغ أحد الموظفين عن قضية فساد لكن تمت معاقبته”، وقال أيضا “نعتقد أن تبليغ السلطات صار مجرد مضيعة للوقت، ومتأكدون أنه يجب دعم الحراك المطالب بالتغيير”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: