انتفض أهل الموصل على الخليفة أبي جعفر المنصور، وقد اشترط المنصور عليهم أنّهم إن انتفضوا تحلّ دماؤهم له، فجمع المنصور الفقهاء وفيهم الإمام أبو حنيفة. فقال: أليس صحيحًا أنّه عليه السّلام قال: ”المؤمنون عند شروطهم”؟ وأهل الموصل قد شرطوا ألّا يخرجوا عليّ، وقد خرجوا على عاملي، وقد حلّت دماؤهم. فقال رجل منهم: يدك مبسوطة عليهم وقولك مقبول فيهم, فإن عفوتَ فأنتَ أهل العفو وإن عاقبتَ فبِما يستحقّون.فقال لأبي حنيفة: ما تقول أنتَ يا شيخ؟ ألسنا في خلافة نبوة وبيت أمان؟، فأجاب: إنّهم شرطوا لك ما لا يملكون (وهو استحلال دمائهم) وشرطتَ عليهم ما ليس لك، لأنّ دم المسلم لا يحلّ إلّا بأحد معان ثلاث (يُشير الامام أبي حنيفة رضي الله عنه إلى قوله عليه الصّلاة والسّلام: ”لا يحلّ دم امرئ مسلم إلّا بإحدى ثلاث: الثيّب الزّاني والنّفس بالنّفس والتّارك لدينه المفارق للجماعة” متّفق عليه). فأمرهم المنصور بالقيام فتفرّقوا فدعاه وحده. فقال: يا شيخ، القول ما قلتَ. انصرف إلى بلادك ولا تُفتِ النّاس بما هو شيّن على إمامك فتبسط أيدي الخوارج.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات