38serv
في الاجتهاد وحده تكمن عبقرية التغيير، ذلك هو ما فعله مالك بن نبي دون غيره، عندما لفت انتباهنا إلى ضرورة أن تجلي المعاني التي تحملها دواخلنا في واقعنا، وفي مظاهرنا، حيث لا يمكن أن يحدث ذلك بغير التأسيس لثقافة تجتهد في رصد العلاقة بين المبدأ الأخلاقي والذوق الجمالي
“القميص لا يصنع القسيس” مقولة فرنسية، بدت لي مع الوهلة الأولى وعبر قراءة مباشرة أمرا بديهيا، فجوهر الإنسان ومكنوناته ومنظومة القيم التي يؤمن بها، وكما تتجلى في سلوكياته ومواقفه، هي التي تصنعه، وليس مظهره، ولكن ومع لحظة تأمل واستغراق، بدت المقولة أكثر جدلية، فالقميص قد يصنع القسيس، حيث إن المظهر الذي يظهر به الإنسان يعكس في أحيان كثيرة دواخله وذوقه وفلسفته في الحياة، والدور الذي يريد أن يلعبه في المجتمع، ولعل مالك بن نبي هو المفكر العربي الوحيد، الذي تناول هذا الموضوع في كتابه الشهير “شروط النهضة” تحت عنوان (مشكلة الزي في العالم الإسلامي)، وقد اكتسبت مزيدا من الأهمية عندما ربطها بعبقرية بموضوع المرأة، لاسيما عند قوله (فالزي الذي تختاره المرأة لنفسها، دليل واضح على الدور، الذي تريد تمثيله في المجتمع، فقد كانت المرأة الأوروبية إلى عهد قريب تلبس اللباس اللطيف من (الدانتيلا)، تستر به مع أنوثتها سرها المكتوم حتى أخمص قدميها،... فكانت بردائها هذا مثالا للرقة والأدب في المجتمع...ثم صارت تلبس اللباس الفتان المثير الذي لا يكشف عن معنى الأنوثة، بل عن عورة الأنثى، فهو يؤكد المعنى الجسدي الذي يتمسك به مجتمع ساده الغرام باللذة العاجلة!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات