غياب المعارضة يحول المشاورات إلى صندوق بريد

+ -

 دخلت المشاورات حول تعديل الدستور، بعد قرابة أسبوع من بدايتها، في حالة من الرتابة القاتلة، حولت اللقاءات بين أويحيى وضيوفه إلى أشبه ما تكون بوضع “الرسائل في صندوق البريد”، ليس فقط بسبب ضعف المقترحات المقدمة التي بقيت تلامس العموميات، ولكن أيضا جراء غياب التوجهات المتعارضة بفعل غياب أحزاب المعارضة.لم تحدث المشاورات حول تعديلات الدستور التي دخلت أسبوعها الأول، تحريكا للمياه السياسية الراكدة، مثلما كان منتظرا على الأقل من جانب السلطة، وهو ما يؤشر على وجود خلل ما جعل النقاش حول أهم وثيقة في البلاد لا يجلب الأنظار إليه، حتى لا نقول يثير زوبعة في الساحة الوطنية. وقد يعود مرد ذلك لأن كوكبة الزائرين إلى قصر الرئاسة للإدلاء بمواقفهم حول تعديل الدستور، محسوبون في أغلبيتهم على السلطة ويتبنون مشروعها للإصلاح السياسي دون زيادة أو نقصان. ولا يستبعد أن تكون نفس المقترحات المقدمة إلى لجنة بن صالح في ماي 2011، هي نفسها التي أعيد استنساخها وتقديمها إلى مدير الديوان برئاسة الجمهورية، بالرغم من تغير العديد من المعطيات الإستراتيجية في دول الجوار، وأيضا حتى بعدما قالت السلطة إن هذه الاستشارة حول الدستور ليست مربوطة بأي حدود. ما جعل الأسبوع الأول من المشاورات ومرور شخصيات وأحزاب ومنظمات، لا يرتقي إلى المستوى المطلوب ولا يعادل حتى النقاش الذي تولد في 96 عندما طرح الرئيس السابق، اليمين زروال، مشروع تعديل الدستور، بحيث كان النقاش في رئاسة الجمهورية ووسط الأحزاب وحتى في الشارع، وهو ما تفتقد إليه هذه المشاورات في طبعة 2014. ورغم القائمة الطويلة والعريضة للمدعوين إلى هذه المشاورات، وثقل الكثير من الأوزان فيها، غير أن فشل السلطة في إقناع أحزاب المعارضة بالمشاركة في هذا النقاش قد أثر سلبا، ليس من باب أن المعارضة تملك أفكارا أحسن من غيرها، وإنما لكونه لا يمكن استخراج الرأي الصواب دون وجود تراشق وتلاقح في المواقف، وهو الأمر المفقود إلى حد الآن في هذه المشاورات التي سيطر عليه اللون السياسي الواحد والفكرة الواحدة التي لا تخرج عما تراه السلطة القائمة.كما أن الذين شاركوا في هذه المشاورات لم يزُل تخوفهم من أن السلطة استمعت إليهم وقد لن تأخذ بمقترحاتهم، وهو الإحساس الذي تردد على لسان عبد العزيز بلعيد، وهو عنصر الجدية المفقود الذي يكون وراء قتل شهية المترددين بشأن المشاركة من عدمها في هذه المشاورات الدستورية التي تحولت إلى ما يشبه صندوق البريد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: