الأفالان يخشى ”انقلابا برلمانيا” من بوتفليقة

+ -

لا يمكن فهم الرد الهستيري لمنتسبي حزب جبهة التحرير الوطني، إزاء دعوات حل البرلمان الحالي وتنظيم انتخابات مسبقة، وما جرى داخل قبة المجلس الشعبي الوطني، أول أمس، بمثابة ”إنذار” أفالاني تجاه خصوم سياسيين يرى فيهم تهديدا لموقع يتربع عليه منذ الاستقلال، و«مساسا” بقدسية وظيفة سياسية يؤديها، وقد رأى الأفالانيون أن جزءا من هذه الوظيفة، ضاعت منه ووزعت على أطراف أخرى منذ ما قبل رئاسيات 17 أفريل. وجّه نواب الأفالان رسالة مشبعة برد فعل هستيري، لمن يطالب بحل برلمان يشكّلون فيه أغلبية مطلقة بموجب انتخابات تشريعية، قيل عنها الكثير. وما حدث بالغرفة السفلى، أول أمس، من اشتباكات خلفيتها دعوة الأمينة العامة لحزب العمال إلى تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، من خلال مداخلة قامت بها نائبة الحزب نادية شويتم، يحتمل قراءة واحدة لا تخرج عن كون حل البرلمان الحالي، في نظر الأفالان، خطيئة كبيرة أو ذنبا لا يغتفر، لكن التساؤل يبقى مطروحا: ما الذي يخيف الأفالانيين من تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، مادام هؤلاء، وعلى رأسهم الأمين العام عمار سعداني، يؤمنون حقا بأنه لو انتظمت الانتخابات عشرات المرات، لن ينزلوا عن المرتبة الأولى؟ بينما يعتبر الحزب، قيادته وقواعده، أنه القوة السياسية الأولى في البلاد، وسيظل كذلك، ولا توجد قوة منافسة يمكن لها أن تزعزع مكانة الحزب العتيد.فكرة الانتخابات المسبقة، ليست وليدة اليوم ولم تكن لتفاجئ نواب البرلمان الأفلانيين، أول أمس، لولا أن في ”الحكاية إن”، ذلك أن الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، ومنذ الفترة التي أعقبت تشريعيات 10 ماي 2012، دعت إلى حل البرلمان وتنظيم تشريعيات مسبقة، لأسباب يعرفها الجميع، وتتعلق بأداء الهيئة التشريعية وتركيبتها أيضا، كما أن عمارة بن يونس الذي يرأس حزب (الحركة الشعبية)، رغم أنه ضمن حظيرة أحزاب الموالاة وحل ثالثا في تشريعيات ماي 2012، بعد الأفالان والأرندي، إلا أنه ضم صوته لمن ينادي بحل البرلمان، ولم ير في ذلك عيبا. موقف الأفالان المتشدد حيال حل البرلمان، الذي يحوز فيه على الأغلبية المطلقة، جعل من فكرة التشريعيات المسبقة فكرة غير قابلة للنقاش أصلا. لكن الصيغة التي صار يعبّر بموجبها عن الفكرة، وحاكت أطوار الاشتباكات التي دارت فصولها داخل الغرفة السفلى، الثلاثاء، باتت محل استغراب وتساؤل في الوقت نفسه، لأن ما حصل قد يحيل إلى أن قيادة الأفالان ونوابه، يشتمون رائحة قرار سياسي قد يتخذه الرئيس بوتفليقة، ويخص مصير البرلمان الحالي بالذات، فأرادوا توقيع الرفض قبل الأوان. ومعلوم أن عمار سعداني، الأمين العام للأفالان، عبّر عن ليونة إزاء مطلب حزب العمال الداعي إلى حل البرلمان، في لقاء سابق مع لويزة حنون، ولم ينزعج منه، وأفاد بما يفهم منه أنه إن كان الحل في حل البرلمان، فليكن، لكن المعني ارتد عن موقفه لاحقا لما اعتقد أن الأمور يمكن أن تكون ”جدية” لدى الرئيس بوتفليقة بعد انتخابه لعهدة رابعة، فأعلن رفضه المقترح مخافة أن يخسر ”مقود” البرلمان.موقف الأفالان من مقترح حل البرلمان، يرتبط أيضا بـ«نفوذ” الحزب، ضمن سباق الموالاة للسلطة وللرئيس بوتفليقة تحديدا، نفوذ صار يتقاسمه معه كل من ”تاج” لعمار غول و«الحركة الشعبية” عمارة بن يونس، وظهر افتكاك الحزبين الأخيرين لجزء من ”الكعكة السياسية” التي كان ينفرد بها الأفالان ثم الأرندي، بمفهوم القرب أكثر من السلطة، في الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل، حيث انتقد قطاع واسع من الأفالانيين تراجع دور الأفالان، في حملة الترويج للمرشح بوتفليقة، ما فهم منه أن ”السلطة” لم تعد تكتفي بجهازها التقليدي في إدارة الوظائف السياسية، ولجأت إلى أجهزة ”ربيبة”، وكل هذا يضعه الأفالانيون في الحسبان، على أن احتمال لجوء الرئيس إلى حل البرلمان ليس مستحيلا. وأكثر من ذلك، فإن لويزة حنون، أشد المدافعين عن التشريعيات المسبقة، لم تعلن ”كل شي” حيال فحوى حديثها مع الرئيس بوتفليقة يوم تنصيبه الرسمي؟ كما لم تعلن ”كل شي” بخصوص لقائها بقائد أركان الجيش الفريق ڤايد صالح، فيفري الماضي، لذلك فإن الأفالانيين أصبحوا يخشون انقلابا برلمانيا مفاجئا من ”رئيسهم”، بوتفليقة. ولعل خرجة حنون كانت الدافع لخروج عمار سعداني عن صمته، ليقول بأنه لا يحق لأحد أن يتكلّم باسم الرئيس.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: