رُوي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما من طرق صحاح كما جاء في سيرة ابن هشـام رحمه اللّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليـه وسلّم كان إذا صلّى بمكة استقبل بيت المقدس وجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، فلمّا كان عليه الصّلاة والسّلام يتحرَّى القبلتين جميعًا لم يُبيّن توجّهه إلى بيت المقدس للنّاس حتّى خرج من مكة، قال اللّه تعالى له في الآية النّاسخة: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّي وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} البقرة:150، أي من أيّ جهة جئت إلى الصّلاة وخرجتَ إليها فاستقبل الكعبة، كنت مستديرًا لبيت المقدس أو لم تكن لأنّه عليه الصّلاة والسّلام كان يتحرّى في استقباله بيت المقدس أن تكون الكعبة بين يديه.وتدبَّر قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّي وَجْهَكَ..} وقال لأمّته وحيث ما كنتم فوَلُّوا وُجوهَكُم شطره ولم يقُل حيثُما خرجتُم، وذلك أنّه كان عليه الصّلاة والسّلام إمام المسلمين فكان يخرج إليهم إلى كلّ صلاة ليُصلّي بهم، وكان ذلك واجبًا عليه، إذ كان عليه الصّلاة والسّلام الإمام المقتدى به، فأفاد ذِكر الخروج في خاصّته في هذا المعنى ولَم يكن حكم غيره هكذا يقتضي الخروج، ولا سيما النّساء ومن لا جماعة عليه.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات