عن أبي بُردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري أنَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بَعَثَهُ إلى اليمن، فسأله عن أَشربةٍ تُصنَعُ بها، فقال: “ومَا هِي؟”، قال: البِتْعُ والمِزْرُ، فقيل لأبي بُردَة: وما البِتْعُ؟ قال: نَبيذُ العسلِ، والمِزْرُ نَبيذُ الشَّعير، فقال: “كُلُّ مُسكرٍ حَرامٌ” أخرجه البخاري.هذا الحديثُ أصلٌ في تحريم تناول جميع المسكرات، المغطِّيةِ للعقل، وقد ذكر اللّه في كتابه العِلَّةَ المقتضية لتحريم المسكرات، وكان أوَّل ما حُرِّمتِ الخمرُ عند حضورِ وقتِ الصّلاة لمّا صلَّى بعضُ المُهاجرين، وقرأ في صلاته، فخلّط في قراءته، فنَزل قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينادي: لا يقرب الصَّلاةَ سكران، ثمّ إنَّ اللّه حرَّمها على الإطلاق بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّه وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} المائدة:90-91.فذكر سبحانه علَّة تحريم الخمر والميسر، وهو القمار، وهو أنَّ الشّيطان يُوقعُ بهما العداوةَ والبغضاء، فإنَّ مَنْ سَكِرَ اختلَّ عقلُه، فربَّما تَسَلَّط على أذى النّاسِ في أنفسهم وأموالهم، وربّما بَلَغَ إلى القتل، وهي أمُّ الخبائث، فمن شَربها، قتلَ النّفس وزنا، وربّما كفر. وقد روي هذا المعنى عن عثمان وغيره، وروي مرفوعًا أيضًا.وهذا كلُّه مضادٌّ لِما خَلَق اللّه العبادَ لأجله مِنْ تفريغِ قلوبهم لمعرفته، ومحبَّته، وخشيته، وذِكره، ومناجاتِه، ودعائِه، والابتهال إليه، وقد رُوي عن عليٍّ رضي اللّه عنه أنّه قال لمَن رآهم يلعبون بالشِّطرنج: ما لهذا خُلِقتُم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات