قبل أيام على إنطلاق نهائيات كأس العالم في البرازيل وبعد وصول إستعدادات المنتخبات الـ32 إلى نهايتها، باتت الساحة متاحة لتحليلات وسائل الإعلام وتوقعات المحللين والجماهير بشأن البطل الذي سيرفع الكأس في الثالث عشر من يوليو/ تموز المقبل. من المعروف أن الترشيحات في كل بطولة تصّب عادة لصالح المنتخبات الكبيرة أي البرازيل، المانيا، الارجنتين، اسبانيا وايطاليا وبدرجة أقل هولندا، فرنسا، انكلترا والأوروغواي، وفي البطولة العشرين لا تبدو الأمور مختلفة كثيراً وإن كانت الرؤية ربما تبدو أكثر وضوحاً لصالح المنتخبات الأربعة الأولى عطفاً على فارق المستوى والإمكانيات الفردية والجماعية للاعبين بين منتخب وآخر. من الطبيعي أن يكون المنتخب البرازيلي هو المرشح الاوفر حظاً للفوز باللقب للمرة السادسة لكونه يلعب على أرضه وبين جماهيره، وأثبت خلال بطولة القارات التي استضافها في العام الماضي واحرز لقبها، قدرته على مقارعة أقوى المنتخبات بتشكيلة جلّها من العناصر الشابة. قدّم المدرب لويز فيليبي سكولاري نفسه للعالم في مونديال ألفين واثنين عبر طريقة 3-5-2 مدعوماً بإمبراطورية "الراء" ذائعة الصيت حينها والتي كانت تضم رونالدو، ريفالدو، روبرتو كارلوس، رونالدينهو، وروبينهو، ومع ذلك يعتبر أحد أهم المراجع الكروية في طريقة 4-2-3-1، والتي نجح بفضلها مع المنتخب البرتغالي. واظهرت البرازيل الجديدة مع سكولاري الوجه الحسن لهذه الطريقة التي تتميز بالمرونة العالية، فهي مثالية في الأداء الهجومي أمام منافسين مثل المكسيك ومتحفظة وذكية في مواجهة عملاق مثل المنتخب الإسباني كما حدث في نهائي بطولة القارات. هجومياً يلعب سكولاري بأسلوب مشابه لأسلوب يوب هاينكس، بحيث تبدأ الهجمة من الخلف عبر تشكيل ثلاثي دفاع مكون من قلبي الدفاع ولاعب إرتكاز وهو ما يمنح ظهيري الجنب فرصة التقدم لخط المنتصف تقريباً. وبصفتها حاملة اللقب، فإن اسبانيا تبدو مرشحة أيضاً للفوز وإن كانت الهيبة التي فرضت نفسها منذ العام 2008 وحتى العام 2012 لا تبدو اليوم في أوج عطائها على الرغم من ان أحداً لا يجرؤ على استبعادها من سباق المنافسة. الماتادور الإسباني انبثق خطته من أسلوب لعب برشلونة المعروف بـ"التيكي تاكا" أي تمرير الكرة من لمسة واحدة عند الهجوم، وبناء جدار دفاعي من خطين وهو السبب في ان شباكه لم تتلق سوى ستة اهداف في البطولات الثلاث الماضية التي احرزها توالياً (يورو2008 و2012 ومونديال 2010). تغيّر اسلوب المدرب ديل بوسكي منذ كأس العالم الماضية وتحوّل اللعب من الاستحواذ والتقليدية إلى الاستحواذ الكامل وهو يعطي حلولاً أكثر للفريق خاصة بعد الخسارة الثلاثية أمام البرازيل في نهائي القارات والتي نجح فيها منتخب السامبا في إيقاف عجلة التيكي تاكا، ومن هذه النقطة نفهم بعض الاستدعاءات والاستبعادات المتناقضة وإن كان عامل السن قد يلعب دوراً في المونديال الحالي. المنتخب الألماني هو أحد المرشحين أيضاً للفوز باللقب على الرغم من أن اسلوب المدرب يواكيم لوف لا يجد الكثير من الترحيب لا سيما من عمالقة الكرة الألمانية وفي مقدمتهم فرانتس بكنباور كونه يعتمد على مهاجم واحد صريح وهو ميروسلاف كلوزة بينما بديله الوحيد هو توماس مولر. كما يعاني المانشافت من ضعف في خط الدفاع وتحديداً في الجهة اليسرى، وهو الأمر الذي ظهر جلياً في المباراة الودية أمام الكاميرون والتي انتهت بالتعادل بهدفين لمثلهما. الأرجنتين بقيادة نجمها ليونيل ميسي تبدو متحفزة للإنقضاض على الكأس كما انها تملك الكثير من الأسماء القادرة على تحويل الحلم إلى حقيقة. لكن نقطة القوة في منتخب التانغو هي نفسها نقطة ضعف، بمعنى أن اداء المنتخب يهبط تدريجياً بمجرد تراجع مستوى ميسي كما أن الفراغ الذي يتركه تقدم لاعبي الوسط هو مشكلة بجد ذاتها تحدث عنها كثيراً المدرب سابيلا. يبقى القول أن العوامل الفنية في المونديال ربما تتغير من مباراة لأخرى لكن كأس العالم هي في النهاية لعبة مدربين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات