الغلق الإعلامي قتل المشاورات حول الدستور

+ -

يؤشر رفض العديد من المدعوين إلى المشاورات حول تعديل الدستور مغادرة اللقاء مع أحمد أويحيى دون الإدلاء بأي تصريح عن قصد، بأن الطريقة المعتمدة من قبل رئاسة الجمهورية لم تفتح شهية الضيوف، بعدما اقتصر حضور هذه اللقاءات على وسائل الإعلام العمومية دون غيرها، ما أفقد هذه المشاورات النكهة وأدخلها الرتابة إلى حد تكاد تكون ”لا حدث”، رغم أن الأمر يخص وثيقة تعد أسمى قانون في البلاد.

استقبل وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية المكلف بإدارة المشاورات حول مشروع تعديل الدستور أحمد أويحيى أمس، رئيس حزب ”عهد 54” علي فوزي رباعين. وعقب الاستقبال، مثلما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية، لم يُدل رباعين بأي تصريح بخصوص المقترحات التي قدمتها تشكيلته السياسية حول المشروع. وقبل ذلك فعلت المجاهدة وعضوة مجلس الأمة ظريف بيطاط نفس الموقف، بحيث امتنعت عن الادلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام العمومية الحاضرة، دون أن تقدم مبررات حول موقفها. لكن إذا اختارت زهرة ظريف بيطاط ”الصمت” بشأن ما قالته في لقائها مع أحمد أويحيى، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمرشح للرئاسيات ورئيس عهد 54 فوزي رباعين الذي قرر مسبقا تنظيم ندوة صحفية خاصة بمقر حزبه للكشف عما دار بينه وبين أويحيى، وفعل قبله تقريبا نفس الشيء رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد السعيد، وفي ذلك مؤشر على أن الخطة الإعلامية التي وضعتها رئاسة الجمهورية بشأن هذه المشاورات حول الدستور غير مجدية، وكان لها تأثير سلبي في ”تسويق” هذه اللقاءات للرأي العام بالشكل الذي يساعد على التعاطي معها إيجابا. وما يلاحظ في هذا السياق أنه في الوقت الذي تحدثت فيه رئاسة الجمهورية في أول بيان لها قبل انطلاق هذه اللقاءات، بأن هذه المشاورات حول التعديل الدستوري ”لا تخضع إلى أية حدود مسبقة”، أحاطت رئاسة الجمهورية المشاورات بحائط إسمنتي لم يمكن حتى الضيوف المختارين من قبلها من الولوج بفاعلية حتى في وسائل الإعلام العمومية، بعدما اقتصرت التغطية على ثوان معدودات، ليس بمقدور أي جهة من المدعوين إيصال وجهة نظرها بوضوح للرأي العام، وهو ما يعد شكلا من أشكال ممارسة الرقابة من قبل السلطة على أفكار ومقترحات الذين قررت استدعاءهم لهذه المشاورات. هذه الوضعية التي تعكس نظرة السلطة إلى الإعلام، وخصوصا الخاص منه، قد أدخلت هذا ”النقاش” حول أسمى وثيقة قانونية في البلاد في حالة من الضبابية والرتابة جعلت المتتبع يستعجل موعد نهايتها، وهو انطباع وإن لم تتحرج السلطة منه لكونها دأبت على فعل ذلك، إلا أن من شأنه دعم حجج المقاطعين لهذه المشاورات من أحزاب المعارضة التي أعربت عن عدم ثقتها في نية السلطة وجديتها في الذهاب إلى ما تسميه ”دستورا توافقيا”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: