ندوة الانتقال الديمقراطي بين ”ضغط المعارضة” و”تنازل السلطة”

+ -

 عقدت ”ندوة الانتقال الديمقراطي”، بعد أسابيع من توجس المعارضة إزاء موقف السلطة، من الترخيص لها أو رفضه، لكن في النهاية رخصت الداخلية لاجتماع خصوم النظام، وهي تعلم، ماذا سيقولون فيها، تحديدا، لكن التساؤل يطرح حيال موقف النظام إزاء السقف الذي ستصله الندوة؟ طالما أن اجتماع مازافران، مجرد ”بداية” لمسار متبوع بندوات أخرى مستقبلا.تمكنت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي من عقد ندوتها، أول أمس الثلاثاء، فهل مرد ذلك، ضغط مارسته على السلطة لمنحها الترخيص؟ أم أن السلطة تنازلت للمعارضة لتمكينها من متنفس سياسي، بعد أشهر من غليان ناتج عن ترشح ثم فوز الرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة؟ أم أن النظام استشعر السقف الذي يمكن أن يصله خصومه، فاطمأن أنه سوف لن يتعدى الخطوط الحمراء التي رسمها منذ عقود، فلم يجد خطورة في السماح لخصومه بالاجتماع؟منح الترخيص لعقد ندوة الانتقال الديمقراطي، كان حدثا بذاته، بينما لم يكن أشد المتفائلين يتوقّع تنازلا من السلطة يفضي إلى التئام المعارضة على طاولة واحدة، وعقد الندوة بعد الترخيص لها كان حدثا ثانيا، كذلك، والحضور داخل الخيمة التي احتضنت الندوة كان حدثا ثالثا أيضا. وقد يكون من منح الترخيص لعقد الندوة، لم يكن يتوقّع حجم الحضور ولا الشخصيات التي كان يستبعد مشاركتها، وشاركت في النهاية. لكن هناك تخمينات تفيد بأن السلطة ترغب في فك جزء من الخناق عن أحزاب المعارضة، بعد فوز الرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة، وما تضمنه خطاب أداء اليمين الدستورية من السعي إلى ”تعزيز دور المعارضة”. لكن الثقة الغائبة بين السلطة والمعارضة، جعل من خطاب الرئيس، في هذا الشأن، مجرد فقرة في نص، صالح قراءتها في كل زمان ومكان، كما كان يحدث دوما، فأرادت المعارضة من خلال تنسيقية الانتقال الديمقراطي إثبات وجودها بالميدان، فشرعت بالتحضير لندوة زرالدة.وتختلف القراءات بشأن التعاطي الجديد للسلطة مع المعارضة، بين مشكك في ”نوايا” سلطة، لم تكن المعارضة، في نظرها أرقاما إضافية ضمن ترسانة أحزاب، وبين مستحسن لخطوتها على أن الأمر يتعلق بانفتاح ولو جزئي، ومرتبط بسقف مطالب خصوم النظام، لكن تنسيقية الانتقال الديمقراطي لم تضع سقفا محددا لمطالبها، فمجرد الحديث عن ”انتقال ديمقراطي” لدى النظام، يعني، التغيير، والتغيير في هذه المرحلة ليس في أجندته على الإطلاق، وإلا لكان فعلا مع الانتخابات الرئاسية، ويكون الوزير الأول عبد المالك سلال عبّر عن ذلك خلال ندوته الصحفية، أول أمس، بالقول إنه لا وجود لانتقال ديمقراطي تماما، كما لا يوجد مسعى تحت عنوان ”عودة الفيس إلى النشاط السياسي”. ولما يقول سلال هذا الكلام، يعني أن رفع خصوم النظام المجتمعين في زرالدة سقف المطالب إلى انتقال ديمقراطي يزيح النظام الحالي، بمثابة ”كفر”، حتى وإن أكدت ”جبهة القوى الاشتراكية” من خلال تدخل سكرتيرها الأول أحمد بطاطاش، بأن التغيير الناجح هو ذلك الذي يشرك فيه النظام. أما التغيير الفاشل، فذاك الذي تنفرد به المعارضة، وهو ما حصل بمصر وليبيا، ويحصل بسوريا، ولا أحد يريد أن يتكرر بالجزائر. قد ترتبط هذه النظرة بهامش من ”الأريحية” لدى نظام يعرف أن من بين خصومه، أبناءه القدامى، لذلك لم يكن يخشى منح رخصة ندوة الانتقال الديمقراطي لتنسيقية المعارضة، خاصة إذا تأكد أن مولود حمروش، رئيس الحكومة الأسبق، مازال على موقفه بخصوص حل الأزمة بإشراك الجيش. وقبل أشهر قليلة، قال حمروش إن مفتاح الأزمة بيد ثلاثة أشخاص هم ”بوتفليقة وڤايد صالح والجنرال توفيق”، ما يعني أن السلطة تعي جيدا إلى أي مدى يمكن للمعارضة أن تصل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: