38serv
لم يرق فرعون وملأه ما شاهدوه من إيمان السّحرة، ولم يدركوا- لطمس بصيرتهم- فعل الإيمان في القلوب، فأخذ يتوعّدهم بالموت الأليم، ويتّهمهم بأنّ إيمانهم لم يكن عن قناعة، وإنّما كان حيلة احتالوا بها على النّاس.وقد ضرب السّحرة صفحًا عن تهديد فرعون واتّهامه، وضربوا للنّاس في كلّ زمان ومكان أروع الأمثال في التّضحية من أجل العقيدة، وفي الوقوف أمام الطّغيان بثبات وعزّة، وفي الصّبر على المكاره، وفي المسارعة إلى الدخول في الطّريق الحقّ، وفي التّعالي عن كلّ مغريات الحياة.وهكذا، بعد أن شاهد السّحرة الحقّ يتلألأ أمام أبصارهم، لم يملكوا إلّا أن ينطقوا به على رؤوس الأشهاد، وتحوّلوا من قوم يلتمسون الأمر من فرعون، ويطمعون في المال الجزيل، ويرغبون في المنزلة المقرّبة إلى قوم آخرين، هجروا الدّنيا ومغانمها، واستهانوا بالتّهديد والوعيد، ونطقوا بكلمة الحقّ في وجه من كانوا يقسمون بعزّته منذ وقت قريب.ثمّ إنّ موسى بعد الانتصار الّذي حقّقه على فرعون وملئه مكث حينًا من الزّمن يدعو فرعون وقومه إلى عبادة اللّه الواحد القهار- وعلى عادة الطغاة والمتجبرين والمتكبّرين- لم يجد آذانًا صاغية لدعوته، وتعرّض ومن معه من المؤمنين لصنوف من العذاب، إلى أن جاءه الأمر الإلهي بالخروج ومن معه من المؤمنين من مصر إلى بلاد الشّام.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات