+ -

 لقد ذهب البعض بعيدا حينما توقعوا إمكانية حدوث زلازل جراء عمليات التكسير الهيدروليكي، فإذا كان الأمر كذلك، فإن حاسي مسعود ستكون اليوم المنطقة الأكثر تسجيلا للهزات الأرضية في البلاد، لأننا نقوم بعمليات التكسير الهيدروليكي بأعداد كبيرة،  لكن أيضا عمليات حفر أفقية مند سنوات التسعينات.ومن المعلوم أن الزلازل تحدث نتيجة تحرير مفاجئ لقيود تراكمت على طول الصدوع على مستوى القشرة الأرضية بفعل الضغط الممارس مع تقارب الصفائح التكتونية، ولكن عملية التكسير الهيدروليكي لا تقوم بتحريك الصفائح التكتونية ولا تحدث أية ثغرات، بل تؤدي إلى بروز شروخ مجهرية لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار حول القسم الأفقي من البئر. هذا التوقع هو لحسن الحظ مرة أخرى ضرب من الخيال ليس إلا.أما بالنسبة لأولئك الذين ينادون بإصدار قرار منع يخص الغاز الصخري ويستشهدون على ذلك بمواقع التجارب النووية برڤان وواد الناموس وحوض بركان، فأقول صراحة ليس من الشرف والشهامة والصدق التلاعب بمشاعر الناس واستغلال أو توظيف معاناتهم الماضية والحاضرة في محاولة مقارنة ما لا يقارن، أي تشبيه تقنيات إنتاج النفط والغاز بالاختبارات النووية مع كل المخاطر التي تمثلها هذه الأخيرة، فإذا كانت المقارنة تقام عن جهل، فإنه من الأجدر أن نتحكم في المجال قبل أن نكتب حقائق مغلوطة أو إفساح المجال للخبراء، أما إذا كان الأمر مقصودا لإخافة الناس وبعث الرعب في قلوبهم، فإن ذلك من قبيل خيانة الأمانة الفكرية الواضحة، فأي مفكر يُعنى أولا بنقل المعلومات الموثوقة للقارئ، وأنا مبدئيا لست ضد إصدار إجراء منع للغاز الصخري إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، وكان القرار مبنيا على حقائق علمية مؤكدة وناتجة عن إجماع ودراية وحوار مفتوح بين الخبراء والأخصائيين، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك على أساس مخاطر مفترضة أو معلنة خبط عشواء من قبل أي كان.وعودة إلى المسألة ذات الصلة التي تعتبر القضية الأكثر إثارة للقلق والوحيدة أيضا التي تستحق النقاش حولها، ويتعلق الأمر بنضوب أو استنزاف أو تلوث المياه الجوفية في الجزائر، فبشأن النضوب وإذا افترضنا عدم وجود إعادة استخدام المياه وأن كل عملية تكسير تتطلب 20 ألف متر مكعب، فإن 12 ألف بئر المبرمجة في حالة استغلال الغاز الصخري ستستهلك في المجموع 250 مليون متر مكعب من المياه أو ما يمثل 0.0006% من مجموع 40 ألف مليار متر مكعب من المياه التي تحوزها البلاد، وهي كمية هامشية، وعليه فإن برنامج حفر 200 بئر في السنة على عدة عقود ستضيف 4 مليون متر مكعب إلى 5 ملايير مستخرجة سنويا للقطاع الفلاحي والحاجيات المتصلة بالأسر والأفراد، أي بارتفاع الاستهلاك السنوي بـ0.08%، ولكن يجب التنبيه بأن نسبة 80% من هذه المياه سيتم إعادة رسكلتها ليتم استخدامها في عملية التكسير اللاحقة، بينما تضيع حوالي 20% ويتم معالجتها بفضل تقنيات موجودة أو أخرى قيد التطوير، وبالتالي فإن مشكلة استهلاك المياه لا تطرح البتة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: