بوتفليقة يتخذ قرارات تلزم الحكومة لكن بإقصاء ثلثي أعضائها

+ -

 همش الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غالبية أعضاء الحكومة، في اجتماعي 23 ديسمبر الماضي و27 جانفي المنقضي، اللذين بحثا ملفات ثقيلة واتخذت فيهما قرارات هامة، تحت مسمى “المجلس المصغر”، الذي يلاحظ عليه غياب لفظ “وزارة” عنه، وفي ذلك مدلول سياسي وقانوني. وأقحم بوتفليقة أركان الجيش، بمناسبة الاجتماعين، في أنشطة خارج مهامها المضبوطة في مرسوم.وسألت “الخبر” القاضي سابقا المتخصص في القانون العام، عبد الله هبول، عن تفسيره لحضور رئيس أركان الجيش، أحمد ڤايد صالح، ببزته العسكرية، في اجتماع الثلاثاء الماضي، الذي بحث التنمية والتقسيم الإداري في الجنوب، فقال: “أركان الجيش هيكل تؤطره نصوص، قليل منها معروف لأنه منشور بالجريدة الرسمية. وأهم هذه النصوص، المرسوم رقم 357 المؤرخ في 28 نوفمبر 1984 المتضمن إنشاء أركان الجيش الوطني الشعبي”.وأوضح القاضي النقابي سابقا أن المادة الأولى من المرسوم، الذي وقعه الرئيس الشاذلي سابقا في 5 ديسمبر 1984، تفيد بأن مهمة أركان الجيش هي “تنظيم وتحضير استعمال القوات المسلحة وأيضا بدعمها الإمدادي”. مشيرا إلى أن “البلاد ليست في حالة حصار ولا في حالة طوارئ، فما هي علاقة استحداث ولايات منتدبة بالجنوب، ومشاكل التنمية فيها، وما علاقة التنقيب عن الغاز الصخري وهي المواضيع التي ناقشها المجلس المصغر، مع مهام أركان الجيش حتى يمكن تبرير حضور قائدها؟ !. رأيي أن رئيس الجمهورية أقحم أركان الجيش في شأن بعيد عن اختصاصاتها”.ويلاحظ على الاجتماعين (الأول تم تخصيصه لتقلبات السوق النفطية)، أنهما لم يعقدا بالبناية التي تحتضن اجتماعات المؤسسة الأولى في البلاد، وهي مقر رئاسة الجمهورية بالمرادية بأعالي العاصمة. والمكان الذي جرى فيه الاجتماعان، على الأرجح، هو زرالدة، حيث يقيم بوتفليقة وينظم الاستقبالات الرسمية وغير الرسمية، منذ أن أقعده المرض. الملاحظة الثانية، وتخص آخر “مجلس مصغر”، أن 10 وزراء بحقائب شاركوا فيه زيادة على الرئيس والوزير الأول وقائد أركان الجيش، ومستشار بالرئاسة. معنى ذلك أن 19 وزيرا بحقيبة، غيبهم الرئيس عن الاجتماع، أي أن “المجلس المصغر” اتخذ قرارات في غياب ثلثي أعضاء الحكومة، التي عينها بوتفليقة في 7 ماي 2014. والغريب أن بيان الرئاسة يتحدث عن “أمر رئيس الجمهورية الحكومة بأن تتابع عن كثب....”، بينما غالبية أفرادها كانوا غائبين. والأكثر غرابة من ذلك، أن الاجتماع خاض في التقسيم الإداري والتنمية المحلية، وفي التعليم والصحة في الجنوب، بينما غاب عنه وزراء الداخلية والتربية والصحة. ومما سيترتب عن اجتماع الثلاثاء، أن مرسوما رئاسيا سيصدر يخص ترقية دوائر إلى ولايات منتدبة، بينما شارك في مناقشة هذا الموضوع الهام، ثلث الحكومة فقط. وبقية الوزراء المقصين من الاجتماع، فسيكونون ملزمين بتنفيذ القرارات التي اتخذت والدفاع عنها، وتحمل مسؤوليتها سياسيا.فهل تعني هذه التصرفات أن الرئيس تبرأ منهم؟ ولماذا اللجوء إلى “مجلس مصغر” بدل مجلس الوزراء؟ هل لذلك علاقة بصحة الرئيس؟ الأكيد أن مؤشرات توحي بأن النظام بدأ يشعر بصعوبة في التنفس، منذ اجتماع 23 ديسمبر الماضي، بفعل انهيار أسعار النفط، وكل الخطوات والتدابير والقرارات التي صدرت بعد هذا التاريخ، تعكس تخبطا وعدم وضوح الرؤية لديه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: