يرى جانب “الخير” في الحداثة الأوروبية وهو التطوّر العلمي الحضاري وجانب “الشرّ” وهو استيطان أراضي الشّعوب الضّعيفة، الأمير هنا يتكلّم بلغة الفقيه مثله في ذلك مثل “الطهطاوي” (ت:1873م) الّذي لم ير التّعارض بين العلم الأوروبي التكنولوجي والإسلام، غير أنّ الغرب بالنسبة للطهطاوي خصمٌ متفوقٌ، أمّا بالنّسبة للأمير فهو العدوّ المنتصر، من هنا يكون التّعامل معه مصلحيًا وهذه التجزئة للمدنية الغربية ـ بين خيرها وشرّها ـ ما زالت تؤطّر العقل الإسلامي إلى اليوم.طبعًا “الشّرّ” هنا ليس الانعكاسات السّلبية للاستخدام التكنولوجي ـ الّتي ظهرت في العقد الأخير من هذا القرن ـ ولكنّه الفلسفات والعلوم الإنسانية وما يستتبع الحضارة من انقلاب في السّلوك الأخلاقي، أمّا “الخير” فهو المُنجزات المادية ذات الاستعمال المصلحي.ترى هل هذه الازدواجية في التّعامل مع الغرب الأوربي ـ الأمريكي تبقى سليمة من النّاحية المنطقية وذات جدوى مع سيطرة “إيديولوجية المعلومة” وإحكام النّظام الدولي قبضته على العالم؟موقفه هذا من الحداثة الأوروبية تشكّل بفعل العوامل التالية: 1 ـ انهزامه العسكري، الهزيمة في حياة العظماء انتصار، عرف الآخر من خلال الحرب، تأكّدت لديه قناعات جعلته يعرف لماذا خسر الحرب، لأنّ الجيش الفرنسي مُنظّم بأحدث الأجهزة، وكان الأمير يدرك عوامل قوّة هذا الجيش وتطوّره الّتي يمكن حصرها في النّقاط التالية: أ- طبيعة الجمهورية الفرنسية السياسية. ب- تطوّر العلوم التّجريبية في أوروبا وفرنسا. ج- جيش قائم بقوّة الأمّة الفرنسية ووحدتها.لقد كان الأمير يقاتل بتركيبة قبلية ـ عشائرية، مخيالها محدّد بعصبيات ونعرات أفشلت انصهار هذه القبائل كجيش يدافع عن أمّة ودولة، وخروج بعض القبائل عن طاعته لم يكن محبّة في فرنسا أو موالاة لها ولكن نتيجة صراع قبلي كان في فترة حرب الأمير ضدّ الفرنسيين مسكوتًا عنه فعاد مع تضعضع الجيش إلى النشاط.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات