+ -

 هذه قاعدة إيمانية تتزايد أهمية في هذا الزّمن الّذي جهل فيه كثير من المسلمين فضل الله عليهم، وتميّزهم وخيريتهم. يقول الحقّ سبحانه وقوله الحقّ: {صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}. قال العلامة السّعدي: [أي: الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قيامًا تامًا، بجميع أعماله الظّاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتّى يكون لكم صبغة، وصفة من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم، أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعًا واختيارًا ومحبّة، وصار الدّين طبيعة لكم بمنزلة الصّبغ التّام للثّوب الّذي صار له صفة، فحصلت لكم السّعادة الدّنيوية والأخروية، لحثّ الدّين على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ومعالي الأمور، فلهذا قال ـ على سبيل التعجّب المتقرّر للعقول الزّكية ـ: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً} أي: لا أحسن صبغة من صبغته].فصِبْغَةَ اللهِ شريعته وسنّته وفطرته، وإنّما سمّي الدّين صِبْغَةَ استعارةً من حيث تظهر أعماله وسمته على المتديّن كما يظهر الصّبغ في الثّوب وغيره، ومن حيث كون هيئته وأثره تظهران بالمشاهدة والمعايشة. عن قتادة قال: إنّ اليهود تصبغ أبناءها يهودًا، والنّصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإنّ صبغة الله الإسلام، ولا صبغة أحسن من صبغة الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله الّذي بعث به نوحًا ومن كان بعده من الأنبياء. ومن أحسن من الله صبغة يصبغ عباده بالإيمان ويطهّرهم به من أوساخ الكفر، فلا صبغة أحسن من صبغته.هذه الصّبغة إذن هي الإيمان الّذي يطهّرنا من الكفر، والحقّ الّذي يدفع عنّا الباطل، والشّرع الّذي يبيّن لنا الحدود، والخُلق الّذي يبعدنا عن الفسوق، والعبادة الّتي تسمو بها الأرواح وتزكو النّفوس، وهذه الصّبغة هي صبغة كلّ مؤمن؛ أيّ يجب أن يصطبغ بها كلّ مسلم في آرائه وأفكاره، وسلوكه وأخلاقه، وأذواقه واهتماماته، وهذا هو المقصود بالحديث: “لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعًا لما جئتُ به”.*إمام وأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: