أيَّةُ كتابةٍ لا تنطلقُ من قراءة عميقة في مختلف مجالات المعرفة والفنِّ، ولا تتأسَّسُ على متابعة جادَّة لما يُنشر، هي في الحقيقة كتابةٌ ناقصة. لهذا يفترض بالمثقّف أنْ يكون بحيرةً تصبُّ فيها أنهار الفكر والثقافة المختلفة. لأنَّ علاقتنا بالكتبِ توطِّد علاقتنا بالحياة، وتعمِّق نظرتنا إلى الأشياء وفهمنا لتأثيراتها علينا ووضعياتها داخل عقلِ العالم، وبتوسُّعٍ أكثر داخل نظام الكون المعقَّد.أحاوِلُ في هذا الشهر أنْ أنوِّع من قراءاتي، وأنْ أنتقل بين معارف متعددة، ففي المجالِ الدينيّ عدتُ إلى بعض كتب الصوفية كـ”كتاب الصدق” لأبي سعيد الخراز، وكتاب “التوهُّم” للحارث بن أسد المحاسبيْ، وأيضا كتاب “المواقف والمخاطبات” للنفري وإلى رسائلهم، كرسائل ابن عربي وابن عجيبة. والحقيقة أنني أتنقَّلُ بينها فاتحا الكتاب على أيَّةِ صفحة وأشرع في القراءة لأني قرأتُها سابقا، أجدُ أيضا كتاب “تاريخ الجزائر الثقافي” للدكتور أبي القاسم سعد الله مناسبا جدا، إذ يفتح أمامي نافذة على أهمِّ التراكماتِ المعرفية والتاريخية التي كوَّنتْ الإنسان الجزائريّ، لذا أواصل قراءة هذا العمل الذي بدأتُ أجزاءً منه قبل رمضان. وفي الجانب الإبداعيِّ برمجتُ لهذا الشَّهر مجموعة من الأعمال الشعرية المترجمة التي تشترك في كونها أسَّسَتْ لما هو عليه الشعر العالمي اليوم، لأنها تنطلق من رؤية حداثية ترى إلى الشِّعر وهو يخلق الأشياء من جديد لأنه يعرِّفها بما تقتضيه اللحظة المعاصرة، ويصوّر وجهها الذي لم يُنتبهْ إليه. وأذكر منها “قصائد مختارة” لـ«و.ه.أودن” وأخرى بذات العنوان لـ“و.س.ميروين”، إضافة إلى أعمال أخرى لفاسكو بوبا وكافافي وتوماس ترانسترومر الحائز على جائزة نوبل للشعر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات