38serv
استشارة الصّحابة في القتال: أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم. فاستشار النّاس وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصّدّيق فقال وأحسن، ثمّ قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثمّ قام المقداد بن عمرو فقال: “يا رسول الله امض لما أراك الله فنحنُ معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى {فَاذْهَبْ أنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إنَّا هَاهُنَا قَاعِدون} المائدة:24، ولكن اذهب أنت وربُّك فقاتلَا إنّا معكما مقاتلون، فو الّذي بعثك بالحقّ لو سِرْتَ بنا إلى برك الغماد (موضع باليمن) لجالدنا معك من دونه حتّى تبلغه”، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خيرًا ودعَا له به. ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أشِيرُوا عَلَيَّ أيُّها النّاس”، وإنّما يريد الأنصار وذلك أنّهم عدد النّاس وأنّهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: “يا رسول الله إنّا براء من ذمامك حتّى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمّتنا، نمنعك ممّا نَمنع منه أبناءنا ونساءنا”. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتخوّف ألّا تكون الأنصار ترى عليها نصرة إلّا ممّن دهمه بالمدينة من عدوّه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدوّ من بلادهم. فلمّا قال ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له سعد بن معاذ: “والله لكأنّك تُريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل، قال رضي الله عنه وعن الصّحابة أجمعين: “فقد آمنا بك وصدّقناك وشهِدنا أنّ ما جئتَ به هو الحقّ وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السّمع والطّاعة، فامْض يا رسول الله لمَا أردتَ فنحن معك، فوالّذي بعثك بالحقّ لو استعرضتَ بنا هذا البحر فخضته لخُضناه معك، ما تخلّف منّا رجل واحد، وما نكره أن تلقى عدوّنا غدًّا، إنّا لصبر في الحرب، صدق عند اللّقاء، لعلّ الله يريك منّا ما تُقِرَّ به عينك، فسِرْ على بركة الله”.فسَرَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقول سعد ونشطه ذلك، ثمّ قال: “سِيرُوا وأبْشِروا فإنّ الله قد وَعَدَنِي إحْدى الطّائِفتين والله لكأنّي الآن أنظر إلى مصارع القوم”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات