“الإسراف” في القرآن الكريم

 من السّلوكيات الّتي ذمّها القرآن الكريم، وتوعّد مرتكبيها بالعقاب سلوك (الإسراف). ولفظ (الإسراف) مأخوذ من (السَّرَف)، وهو في أصله اللّغوي يدلّ على تعدّي الحدّ، تقول: في الأمر سَرَفٌ، أي: مجاوزة القدر. و(السّرف) تجاوز الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في المال أشهر.ويأتي (السّرف) في اللّغة بمعنى الإغفال، كقول القائل: (مررتُ بكم فسرفتكم)، أي: أغفلتكم. وفلان سَرِف الفؤاد: غافله. و(السَّرَف) الجهل. و(السَّرِف) الجاهل. و(السُّرْفَةُ) دودة القزّ. وسَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشجرةَ: أكلت ورقها.وقد ورد لفظ (الإسراف) ومشتقاته في القرآن الكريم في ثلاثة وعشرين موضعًا، ورد في ستة مواضع بصيغة الفعل، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الزُّمَر:53، وورد في سبعة عشر موضعًا بصيغة الاسم، منها قوله سبحانه في أموال اليتامى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا} النّساء:6.ولفظ (الإسراف) ورد في القرآن الكريم على ستة معان، هي: أوّلاً بمعنى التّجاوز عن الحدّ المشروع، من ذلك قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} الأعراف:31. ثانيًا بمعنى الشِّرك باللّه، كقوله عزّ وجلّ: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمُ أَصْحَابُ النَّارِ} غافر:43. ثالثًا بمعنى الحرام، وجاء على هذا المعنى قوله تعالى في أموال اليتامى: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمُ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا} النّساء:6. رابعًا بمعنى خلاف ما يجب فعله شرعًا، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {وَمَنْ قَتَلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ} الإسراء:33. خامسًا بمعنى النّفقة في المعصية، جاء على هذا المعنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} الفرقان:67. وسادسًا بمعنى الإفراط في المعاصي، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الزُّمَر:53.