+ -

 اجتمع مؤخرا ممثلو الدول الإفريقية، كتلاميذ المدارس مع المعلم الأمريكي، في دورة تكوينية لتلقينهم دروس الديمقراطية وطرق التعامل مع الدستور والشعوب.. لأول مرة لا يحس المرء بالخزي والألم، وهو يطّلع على التقارير الصحفية التي تداولتها وسائل الإعلام حول وصايا رسول أمريكا جون كيري للأفارقة ومنهم الجزائر من أجل هداية العصاة والطغاة في إفريقيا إلى الطريق الصحيح.. وصايا تتحدث عن احترام حقوق الإنسان والتداول السلمي على السلطة في القارة الإفريقية، ومحاربة الفساد وحماية حرية التعبير والصحافة.. تلكم وصايا كيري للقادة الأفارقة، في افتتاح القمة الأمريكية- الإفريقية. لأول مرة يجب أن لا نحس بالغضب من هذه الاملاءات الأمريكية الواضحة، التي كأنها خيطت على الحالة الجزائرية، لا لتعدد العهدات الرئاسية، وأن لا تتجاوز اثنتين، لا لتعديل الدساتير في كل مرة يستيقظ الرئيس من النوم ولا يعجبه لون مكتبه، مع احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير.. لأول مرة لا أحس أن ”النيف الجزائري” قد تم تمريغه على أرضية أزقة واشنطن، أين عقدت القمة الإفريقية– الأمريكية.. لأول مرة يحس المرء بالرضا رغم أننا كجزائريين نكره التدخل السافر في الشؤون الداخلية والخاصة جدا، ولو ترأّسنا مريض على كرسي متحرك، فإننا في هذه الحالة نرغب بنوع من الشماتة والتشفي ”الشح جبتوه لرواحكم”، ألم يقل لكم الشعب كفى تلاعبا ولعبا وألاعيبا بالدستور والانتخابات ومصير البلاد.. كفوا عن هذا الجنون الهستيري وللاستئثار بالسلطة الذي تمارسونه منذ 20 سنة أي منذ توقيف المسار الانتخابي.. وإن كانت أمريكا في الواقع لا تهتم إلا بالحفاظ على مصالحها ولا يهمها أمر الشعوب، لكن بمجرد أن تأتيها تقارير تتحدث عن تدمّر العامة من هذا النظام، وإمكانية أن تدور الدائرة عليه، حتى تسحب البساط من تحته، وتحضّر لنظام آخر يبدأ من جديد ويضمن لها الاستقرار واستمرار مصالحها وأمن شركاتها، خاصة مع الوضع التي تعرفه ليبيا والعراق ومالي وتونس وحتى مصر .. صحيح ليست أمريكا ملاكا منقذا للأمة ولا للجزائر ولا غيرها، لكن لا يمكن التحكم في الإحساس بالغبطة والسرور بعد أن تناولت وكالات الأنباء الوصايا الأمريكية للحكام الأفارقة.. والحمد لله لسنا نحن من قلنا لأمريكا إن دستورنا تغيّر لزيادة عهدة ثالثة ورابعة وإن رئيسنا غير قادر على أداء مهامه، إن المادة 88 لا أحد يتكلم عنها.. ونحن لم نقل لأمريكا إن هناك تدمرا عاما، خاصة وأن نسبة المشاركة في الانتخابات التي أعلنتها الدوائر الرسمية كانت مقنعة جدا ونسبة التصويت على الرئيس رائعة ومبهرة والكل راض بالرئيس.. لا أحد أخبر أمريكا عن الفساد الذي نعاني منه ولا عن إمكانيات الانفجار الاجتماعي مع أي هزة هنا وهناك.. لا أحد أخبر أمريكا، لكن أمريكا التي تريد أن يسيّر العالم على توقيتها وكما تتطلّبه مصالحها، قد وصلتها رائحة التعفّن التي تغطيها الدوائر عندنا بالأوراق المالية والمشاريع الوهمية والترقيعات المؤقتة .. أمريكا تقول لكم لا لتغيير الدستور ولا لتعدّد العهدات،نعم للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير.. ألم تستوعبوا الدرس؟ 

أنتم أحرار يتفهّم الجزائريون عدم اهتمامكم برأي الشعب المسكين، لكن أكيد لن تتفهم أمريكا عدم الاستماع لوصايا.. الجزائر سيدة في قراراتها وأمريكا سيدة في عقوباتها وبكل الطرق .. لا أحد يهددكم بل أمريكا قدّمت لكم الدرس نظريا ولا أحد يتمنى أن تراه تطبيقا على الميدان .. لأن الأمثلة مأساوية ولا تدعو للتفاؤل أبدا.. انتهى الدرس..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: