يدرك الفرنسيون من أصول جزائرية من الجيل الثالث والرابع في فرنسا، أنهم ”جزائريون” عندما ينجحون في مجالات الأعمال والمقاولات. فبمجرد أن يبلغوا مستوى معينا في تراكم الثروة وتوسع مؤسساتهم، تبدأ العراقيل والضغوط.قرر الكثير من رجال الأعمال ذوي الأصول الجزائرية ”العودة إلى البلاد”، وآخرون توجهوا نحو الشرق، إلى الإمارات العربية المتحدة التي رحّلوا إليها مؤسساتهم. فأما الذين عادوا إلى بلاد أجدادهم فإنهم يواجهون مثل ما يواجهه عامة المستثمرين الجزائريين مع البيروقراطية الثقيلة، ”التشيبة”، وغيرها. في حين يلقى الذين اختاروا الشرق العربي الترحاب الكبير، لأنه بالإضافة إلى ما يساهمون فيه من تحقيق قيمة مضافة للبلاد المستضيف، فإنهم يحملون إليه ثقافة المقاولة الأوروبية والتقنيات الحديثة في الإنتاج والتسيير.وعندما يستفسر ذوو الأصول الجزائرية في فرنسا من المقاولين ورجال الأعمال: لماذا لا يواجه نظراؤهم الأوربيون والفرنسيون الأصليون ما يواجهونه هم من مصاعب وعراقيل رغم أنهم يساهمون في الاقتصاد الفرنسي، لا يتلقون أجوبة واضحة وصريحة، ولكنهم يصطدمون بواقع لا يكذب. ”حينها نتأكد أننا لا يجب أن نتجاوز حدودا حمراء” كما يقول السيد ”م. ع”. ويضيف: ”نشأت فرنسيا. أمي وأبي يتكلمان الفرنسية في المنزل. درست في مدرسة خاصة يرتادها أبناء الأعيان والأغنياء في المنطقة التي كنا نقيم فيها. حفظت لامارسياز. أنا متزوج من فرنسية أصلية. كنت أعتقد أنني فرنسي. واليوم بعد أن نجحت وحققت ذاتي في مجال الأعمال، حيث أنني أملك مجموعة من الشركات أدفع رواتب أكثر من 500 شخص، اكتشفت أنني تجاوزت الحدود المسموح لي بها”. ويوضح: ”لاحظت قبل سنة، عندما حققت رقم أعمال مهما، زيارات متكررة وغير مبررة لرجال الشرطة الفرنسية إلى محلاتي. في البداية سرني الأمر. وقلت أنني في أمان. لكن تلك الزيارات بدأت تتحول إلى استفزازات. ولما سألت عن سبب تكرارها دون مبرر، بدأت أكتشف أنني في نظر هؤلاء الذين أقاسمهم بطاقة التعريف الوطنية، لست فرنسيا. وذات مرة منعت شرطيين من دخول محلي دون إذن من النيابة، خاصة أنهم ليسوا زبائني. عندها تحركت الآلة ضدي. وصارت شركاتي ومحلاتي محل مراقبة وتدقيق رهيب من طرف الضرائب وكل الإدارات. وطرحت القضية على زملائي من الجالية أصحاب المؤسسات. فقالوا لي إنهم هم أيضا يواجهون نفس الوضع”.ويقول كثير من الشبان ذوي الأصول الجزائرية، الذين اختاروا مجال الأعمال والمقاولات، إنهم نجحوا بفضل جهدهم ”مثلنا مثل غيرنا من الشبان الفرنسيين، لأن النجاح في الأعمال في فرنسا ليس سهلا. لكن تخطي مستوى معين غير مسموح به لنا وحدنا لأننا جزائريون”. ويؤكد هؤلاء: ”لقد حافظنا على الجنسية المزدوجة، لأننا مهما نشأنا في بيئة غير البيئة التي نشأ فيها أجدادنا أو آباؤنا، فإننا نشأنا وكبرنا على طقوس شهر رمضان والختان، والعيد الأضحى ومراسم الزواج التقليدية، وغيرها من العادات التي تعتبر ميزة جاليتنا. لم نفقد أصولنا. وهم أيضا الفرنسيون لن يقبلونا أبدا ما دمنا محافظين على ما يميزنا”. ويضيف ”م. جلال”: ”أعتقد أن الفرنسيين يخافون أن يأتي عليهم يوم يرأسهم فيه رئيس أصوله جزائرية. يقبلون كل شيء، لكنهم لا يسرهم أن ينجح الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، الذي يجب أن يبقى ذلك المهاجر المشاكس الذي يختلق المشاكل، يعيش في الغيتو، يتاجر في المخدرات ويملأ سجونهم، أو مشروع إرهابي”.وعن قرارهم ”العودة إلى البلاد” فيقولون ”إنها صعبة، لكن نتحملها. وسنكافح من أجل النجاح في بلادنا الجزائر مهما كلفنا الثمن. هنا لا أحد يقول لنا إنكم أجانب. أما النجاح في مجال المقاولة والأعمال فإن التحديات والصعوبات هي نفسها في كل بلدان العالم ونحن قادرون عليها”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات