“إبعاد الجزائريين عن كتابة دساتيرهم بدأ بإقصاء فرحات عباس”

+ -

 يعتقد الباحث في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، أن “إبعاد المواطنين الجزائريين عن المشاركة في كتابة دستور البلاد تحول إلى قاعدة في وضع كل الدساتير التي عرفتها الجزائر”.ويصل جابي، بعد استقرائه تاريخ الدساتير الجزائرية، إلى أن “الأزمة كانت دائما حاضرة كخلفية لوضع الدساتير”. وطريقة التعديل الحالي من منظوره تظهر “عملية تدوير للنخبة القديمة فقط، التي تحتكر عملية الإشراف على كتابة الدساتير”.يرى ناصر جابي، في دراسة أخيرة له موسومة بـ”التعديل الدستوري في الجزائر وسؤال المشاركة”، أن أول الأزمات السياسية في الجزائر، مباشرة بعد الاستقلال، كانت بسبب الاختلاف حول طريقة كتابة الدستور ومن له حق كتابته، هل هم كوادر جبهة التحرير، أم مجلس تأسيسي منتخب؟وباعتماد الخيار الأول الذي دافع عنه الرئيس أحمد بن بلة وقيادة الجيش، واستبعاد الثاني الذي أصر عليه الزعيم الليبرالي عباس فرحات (استقال لاحقا من رئاسة المجلس في سبتمبر 1963)، بعد فشل مسعاه الذي “لم يكن يحظى بتأييد كبير لدى النخبة السياسية المشبعة بالأفكار الشعبوية والمؤمنة بالأُحادية كطريق للخلاص السياسي”، تكرست في الجزائر قاعدة “إبعاد المواطنين الجزائريين عن المشاركة في كتابة دستور البلاد سيتحول إلى قاعدة طوال فترة حكم الحزب الواحد، وحتى بعد الإعلان عن التعددية، في وضع كل الدساتير التي عرفتها الجزائر”.وهذا الإبعاد وفق جابي “سيعوض بالاستفتاءات التي تنظمها السلطات عقب كل دستور جديد أو تعديل له، للحصول على نوع من الشرعية الشعبية لهذه الدساتير التي لم تعمر طويلا نتيجة الأزمات السياسية التي تولدت عنها أو جاءت كحل لها. فقد كانت الأزمة حاضرة كخلفية عند وضع دساتير 1963 و1989 و1996 وحتى عندما تعلق الأمر بالتعديلات التي اقترحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2002 و2008”.ولا يشذ تعديل الدستور الذي تعكف عليه رئاسة الجمهورية حاليا، عن التعديلات السابقة وفق قراءة جابي، إذ يقول إن طريقة عمل لجنة كردون التي “تميزت أشغالها بسرية مفرطة”، تؤكد “إعادة إنتاج التجربة الجزائرية في كتابة الدستور كالارتباط بالأزمة، وإبعاد المواطنين عن المشاركة، والاهتمام بالشكلية النصية على حساب روح الدستور”.ويضيف المتخصص في علم الاجتماع السياسي أن “الرئيس المنتخب حديثا لعهدة رابعة، فضل تغييرا في الأشخاص وليس في الأسلوب وطريقة العمل، بعد أن أوكل مهمة الإشراف على المشاورات هذه المرة إلى مدير مكتبه أحمد أويحيى الذي عاد إلى رئاسة الجمهورية، بعد إبعاده من قيادة حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي استرجع رئاسته عبد القادر بن صالح، رئيس لجنة المشاورات السياسية السابق ورئيس مجلس الأمة؛ ما يؤكد أننا أمام عملية تدوير للنخبة القديمة فقط، هي التي تحتكر عملية الإشراف على كتابة الدساتير”.وتنتهي الدراسة بتفجير الباحث مجموعة من الأسئلة حول جدوى تعديلات الدستور المقترحة؟ لتخلص في الأخير إلى أن “التجربة التاريخية بينت أن منهجية كتابة الدستور لا تهتم سوى باحترام الشكلية القانونية على حساب روح الدستور، كما حصل في مسألة تحديد العهدة الرئاسية التي تم فتحها في تعديل 2008 ليقترح التعديل الحالي العودة إلى غلقها كما كانت في دستور 1996”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: